منذ بدء كارثة اللاجئين الأسوأ في العالم خلال السنوات الماضية، والتي نتجت مع بداية الأزمة في سوريا عام 2011، وتصاعدت بشكل ملفت خلال هذا العام 2015، ولا سيما من خلال انعكاساتها في أوروبا من خلال تدفق اللاجئين إلى القارة الأوروبية عبر البحر أو البر، أضحت الدول الأوروبية في اختبار جدي لنظام اللجوء فيها ومدى تعاملها الإنساني مع الازمة وتأقلمها مع التحديات بما يتوافق مع حقوق الإنسان.

وفي ضوء تصاعد هذه الأزمة، أصدر المرصد الاورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريراً يتناول نظام اللجوء في السويد، وتعاملها مع أزمة اللاجئين من سوريا، سواء كانوا من حملة الجنسية السورية أومن فلسطينيي سوريا.

ويهدف التقرير لدراسة إيجابيات وسلبيات الاستجابة السويدية لهذه الكارثة، باعتبار السويد واحدة من أفضل النماذج الأوروبية في التعامل مع الأزمة، وتقديم توصيات على المستوى الأوروبي من ناحية، لدراسة إمكان اعتماد مثل هذه الاستجابة على نطاق واسع في القارة الأوروبية والعالم، وعلى مستوى السويد نفسها من ناحية أخرى، وذلك لتحسين نظامها في التعامل مع الأزمة خصوصاً في ضوء التعديلات الأخيرة التي طرحتها في نوفمبر الماضي وتضيّق من الحماية الممنوحة لطالبي اللجوء.

ولفت تقرير الأورومتوسطي، والذي حمل عنوان "تحت المجهر: تعامل السويد مع أزمة طالبي اللجوء من سوريا" إلى أن السويد ومنذ قررت في العام 2013 منح جميع اللاجئين القادمين من سوريا إقامات دائمة (تغير هذا أواخر 2015)، حملت العبء الأكبر في منح هذا النوع من الإقامات على مستوى أوروبا بعد صربيا وألمانيا. ومنذ بدء الأزمة، تلقت السويد 103.630 طلباً للجوء فيها، بنسبة 15% من مجموع اللاجئين الذين وصلوا من سوريا إلى أوروبا على مدار السنوات الأربعة الماضية.

وأشار التقرير كذلك إلى فترات الانتظار الطويلة التي يعانيها طالبو اللجوء في السويد قبل تلقي أي قرار بخصوص طلبهم اللجوء، حيث حصل أقل من نصف هؤلاء الذين تقدموا بطلب لجوء على الموافقة على طلباتهم من قبل وكالة الهجرة السويدية حتى الآن. وعلاوة على ذلك، أعلنت وكالة الهجرة السويدي أن طلبات اللجوء المقدمة إلى الوكالة في خريف 2015، قد لا تتلقى القرارات حتى عام 2017، وقد رصد الأورومتوسطي في هذا التقرير عواقب مثل هذا التأخير على طالبي اللجوء خاصة بالنسبة للأطفال والعائلات التي تسعى إلى "لم الشمل".

وعرض التقرير كذلك للطرق التي تستقبل فيها السويد طالبي اللجوء، وأشار إلى إشكالية جميع البلدان الأوروبية، بما فيها السويد، في عدم فتح تسهيل طرق وصول طالبي اللجوء من سوريا إليها، وتركهم يخاطرون بحياتهم في رحلات قاتلة، داعياً مجددا إلى تبني سياسات أكثر فاعلية وإنسانية لإنقاذ طالبي اللجوء من معاناة رحلة الموت وتخفيف سبل وصولهم إلى أوروبا وإنقاذهم من أيدي مهربي البشر.

 وسلّط الأورومتوسطي في تقريره الضوء على بعض الإشكالات في لوائح "دبلن"، وهي جزء من التشريعات الخاصة بالاتحاد الأوروبي في التعامل مع طالبي اللجوء، وبين معاناة اللاجئين السوريين الذين وصلوا الى السويد عن طريق الدول الأوروبية الحدودية من بعض المواد الواردة في لوائح "دبلن".

كما تطرق لنظام جمع شمل الأسرة في السويد وأشار إلى أن طلبات لم الشمل التي تُقدَّم من خلال السفارات السويدية، ولا سيما في الدول المجاورة لسوريا، قد تستغرق أكثر من عام من أجل الحصول على المقابلة الأولية في السفارة، والتي بطبيعة الحال يعاني طالبو اللجوء، ولا سيما فلسطينيو سوريا، من أجل الوصول إليها.

وفيما يتعلق بالدعم المقدم من السويد لطالبي اللجوء فيها، لا سيما على صعيد التعليم والصحة والسكن وحق العمل، أوضح تقرير الأورومتوسطي أن السويد خطت خطوات إيجابية ملموسة في هذا السياق. غير أنه أشار أيضاً إلى بعض الإشكالات، وعلى رأسها الأزمة الحادة لدى السويد في استيعاب اللاجئين، لا سيما على مستوى السكنات.

وفيما يتعلق بالسلامة والأمن، أشار التقرير إلى عشرات هجمات الحرق التي وقعت خلال 2015 ضد عدد من مراكز اللاجئين في جميع أنحاء البلاد، والتي لم تتمكن السويد من السيطرة عليها ومنعها بشكل فعال حتى اليوم، ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات السويدية إلى اتخاذ جميع تدابير الحماية المناسبة من أجل حماية اللاجئين من مثل هذه الهجمات.

وخلص التقرير، والذي ستتم مناقشته في البرلمان الأوروبي، إلى أنه وعلى الرغم من وجود بعض الإشكالات التي يعاني منها نظام اللجوء السويدي، وحاجته إلى تحسينات وتعديلات من أجل توفير حماية أفضل للاجئين الفارين من الفظائع في سوريا، خصوصاً بعد التعديلات الأخيرة، إلا أن النموذج السويدي في التعامل مع الأزمة لا يزال يمكن اعتماده، على الأقل جزئياً، من قبل الدول الأوروبية الأخرى، وخاصة تلك الدول التي لم تظهر أي مساهمات فعالة في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية العالمية.

لمطالعة التقرير كاملاً هنا