جنيف- كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في إحصائية شاملة تداعيات كارثية لما خلّفته عشرة أعوام من الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، وذلك عقب نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية يناير (كانون الثاني) من ذات العام؛ في ضوء تلك الانتخابات فرضت إسرائيل شكلاً غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي على القطاع؛ مما تسبب في أزمات إنسانية حادة في جميع مناحي الحياة.
وبينت إحصائية المرصد الأورومتوسطي (مؤسسة أوروبية حقوقية مقرها جنيف)، أنه ونتيجةً للحصار الإسرائيلي المستمر منذ عشرة أعوام، فإن 40% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.95 مليون نسمة يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى 80% منهم مساعدات إغاثية، وتواجه 73% من العائلات ارتفاعاً في حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأوضح الأورومتوسطي في إحصائيته أن أكثر من 50% من الأطفال الفلسطينيين بحاجة لدعم نفسي، فيما يعاني 55% من سكان قطاع غزة من الاكتئاب.
وأشارت الإحصائية أنه ونتيجة للحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ العام 2006 فإن 922 ألف لاجىء في القطاع أصبحوا ونتيجة للوضع الإنساني والمعيشي الصعب بحاجة للمساعدات، إلى جانب حاجتهم الملحة للرعاية الصحية والمأوى والتعليم والحماية الأساسية والأمن.
أما فيما يتعلق بالخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة، أوضحت إحصائية الأورومتوسطي أن الوضع الإنساني في القطاع يتفاقم في ظل أزمة الوقودالحادة التي تتسبب في انقطاع شبه مستمرللتيارالكهربائي، ممايؤثر على الحياة اليومية ويحول دون تقديم الخدمات الأساسية للأفراد، حيث وصلت ساعات قطع الكهرباء في القطاع إلى 12-16 ساعة قطع يومياً.
ويواجه سكان القطاع خطر نقص المياه في ظل توقعات بتفاقم مشكلة المياه الجوفية، حيث يتلقى 40% من السكان 4-8 ساعات فقط من إمدادات المياه كل 3 أيام؛ بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، إضافة إلى أن 90-95% من المياه غير صالحة للشرب في قطاع غزة، فيما يصب 90 ألف متر مكعب من المياه العادمة يوميًا في مياه البحر المتوسط دون معالجة.
وعلى صعيد الوضع الصحي بين الأورومتوسطي أن المشافي في القطاع تعمل بأقل من 40% من إمكاناتها، فيما تؤجل بعض العمليات في أكبر مشافي القطاع "مستشفى الشفاء" لفترات تصل إلى 18 شهراً.ويعاني معظم مرضى القطاع من عدم تلقي العناية الطبية المناسبة بسبب قلة الإمكانيات وانحدارالمستوى الطبي.
ونتيجة للحصار، شهدت الأوضاع الاقتصادية تدهوراً واضحاً خلال تلك السنوات، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50%، وانخفضت الصادرات إلى أقل من 4% مقارنة بما قبل الحصار، ويواجه القطاع عجزاً بـ 100 ألف وحدة سكنية، بينما بلغت نسبة انكماش القطاع الصناعي 60%، فيما أصبح دخل الفرد أقل بـ 32% منه في عام 1994.
ولفتت إحصائية الأورومتوسطي إلى أن معدل البطالة في قطاع غزة هو الأعلى في العالم حيث وصلت إلى معدل 43%، بلغت بين الإناث 63%، 37% بين الذكور، و 62% بين فئة الشباب.
ووفق ما توضح الإحصائية، فإن 6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، 27% انعدام حاد، 16% انعدام متوسط، 14% نقص في الأمن الغذائي.
ونوه الأورومتوسطي إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي شنت منذ العام 2008 ثلاث هجمات عسكرية على قطاع غزة؛ مسببةً بذلك تدمير البنية التحتية وتدهور الأوضاع الإنسانيةلى جانب آلاف الضحايا والجرحى، ونتيجة لتلك الهجمات تعرضت آلاف المنازل والمستشفيات والمدارس ودور العبادة للتدمير إما بشكل كلي أو جزئي.
يذكر أن 40% فقط من تعهدات المجتمع الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة خلال المؤتمر الذي عقد في القاهرة 12 أكتوبر/تشرين الأول 2014 تم الالتزام بها حتى مطلع يناير 2016، فيما يتسبب الإغلاق المستمر لمعابر القطاع في إعاقة دخول مواد البناء الأساسية اللازمة لإعادة إعمار القطاع.
ويعاني سكان قطاع غزة من قيود مشددة على الحركة والتنقل، حيث تمارس إسرائيل سياسة الإغلاق على قطاع غزة كمنهج مستمر منذ عشرة أعوام؛ من خلال سيطرتها على المعابر، حيث انخفض عدد السكان المسموح لهم بالعبور عبر معبر بيت حانون/إيرز بنسبة 75% عنه في عام 2005، فيما يُسمح لفئات محددة بالعبور كالحالات الإنسانية والمَرَضية، والعاملين في مجال الإغاثة.
وفي نوفمبر 2015، اتجهت إسرائيل لتشديد القوانين المتعلقة بمنح التصاريح لمرافقي المرضى تحت سن 55 عاماً، فيما يتم غالباً ابتزازالمرضى الذين يتم تحويلهم للخارج عبرمعبر إيرز،حيث تستغل إسرائيل وجودهم للحصول على معلومات أمنية.
أما فيما يتعلق بمعبر رفح البري، والذي يعد البوابة الوحيدة لفلسطينيي القطاع إلى العالم الخارجي، فقد تم فتحه في عام 2015 بأكمله 20 يومًا فقط، فيما لاتزال الغالبية العظمى من سكان القطاع غيرقادرةعلى السفرعبر بوابة المعبر.
وأشار الأورومتوسطي في إحصائيته إلى أن معبر كرم أبو سالم، هو المعبر التجاري الوحيد الذي يعمل حالياً من أصل 4 معابر قبل الحصار.
وقال الأورومتوسطي إن إسرائيل وفي الوقت الذي تمارس فيه انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، تمنع في ذات الوقت لجان التحقيق الدولية والمختصين الأممين من دخول قطاع غزة للتحقيق في تلك الانتهاكات.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من انهيارٍ حقيقي قد يطال جميع القطاعات في غزة إن استمر الوضع الإنساني على ما هو عليه الآن، داعياً سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتحمل مسؤولياتها الكاملة تجاه قطاع غزة، كقوة احتلال وفق القانون الدولي، وما يترتب على ذلك من حماية شؤون السكان المدنيين في القطاع.
وشدد على ضرورة محاسبة ومحاكمة المسؤولين عن استمرارحصار قطاع غزة وممارسة العقاب الجماعي، باعتبارهذه الأفعال تمثل جريمة حرب.
اقرأ أيضاً:
الأورومتوسطي يطلق عريضة تطالب بإنهاء حصار غزة وتطوير الميناء هنا
شاهد l إنفوجرافيك l تداعيات عشرة أعوام من الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة هنا