يوافق الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر من كل عام اليوم الدولي للمهاجرين، إذ أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000 وتم فيه اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين.

   تشير التقارير والإحصاءات الدولية إلى إن أعداد المهاجرين تزداد بشكل يومي إذ ارتفعت من 175 مليونا عام 2000 إلى 232 مليونا في الوقت الحاضر، ومع هذه الزيادة زادت الحاجة لضمان حقوقهم.    

وتشير التقارير والإحصاءات الدولية إلى إن أعداد المهاجرين تزداد بشكل يومي إذ ارتفعت من 175 مليونا عام 2000 إلى 232 مليونا في الوقت الحاضر، ومع هذه الزيادة زادت الحاجة لضمان حقوقهم. فالمهاجرون من الفئات المعرضة لانتهاك الحقوق على نطاق واسع، وفي كثير من أنحاء العالم تحاصرهم مظاهر التعصب والكراهية فضلا عن المخاطر التي يكابدونها أثناء الهجرة هربا من واقع يرفضونه. الأمم المتحدة خصصت هذا اليوم للفت أنظار العالم لقضايا المهاجرين وحقوقهم وفي الوقت نفسه للتأكيد على الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الهجرة في التنمية، لكن واقع الحال يظهر عكس ذلك، حيث صارت النظرة للمهاجرين تركز على أنهم مجرد أدوات للتنمية وللعمالة الرخيصة في أغلب الأحيان. 

«القدس العربي» استطلعت آراء عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين حول أزمة الهجرة وسوء معاملة المهاجرين.

تكميم الأفواه وحجب الحريات

في الدول العربية

ويرى محمود كامل الكومي، كاتب ومحام من القاهرة، ان متغيرات عدة أدت إلى تغيير مفهوم الهجرة اليوم عن مفهومها في أعوام خلت. كانت الهجره منذ ستينيات القرن الماضي وحتى السنوات القليلة من بداية القرن الحالي، تأخذ طابعا فكريا أو علميا، حيث بدأت هجرة الدارسين إلى جامعات أوروبا وأمريكا بسبب الامكانيات والتقدم العلمي وحتى من كان يهاجر للعمل لم يكن يهاجر بسبب لقمة العيش وانما تطلعا إلى الارتقاء المادي والحضاري. وكانت الهجرة في أغلبها رسمية أو تنقلب إلى ذلك بمرور الوقت حتى ان العلم والمدنية وابتغاء تكوين ثروات كانت من أهدافها. بدءا من القرن الحالي تغير مفهوم الهجرة وصارت في أغلبها غير شرعية تبحث عن لقمة العيش في ظل الظروف الاقتصادية المتدنية في البلدان المهاجر منها.

وفي ظل تنامي «الإسلاموفوبيا» انتشرت الحركات العنصرية ضد المهاجرين العرب والمسلمين بصورة خاصة بعد انضمام آلاف الشباب المسلم المهاجر إلى منظمات مثل «الدولة» و«النصرة». ورغم التضييق إلا ان الهجرة العربية ما زالت متدفقة إلى أوروبا وأمريكا، بسبب اضطهاد بعض السياسيين وتكميم الأفواه والحريات في الدول العربية فكان الملاذ إلى الغرب حيث التشدق بالحريات وحقوق الإنسان.

وأشار إلى ان شظف العيش في الدول الفقيرة كان نذيرا بالهجرة العمالية على أمل توفر المال في أوروبا إضافة إلى ان الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط وانحسار التصنيع والإنتاج وانتشار مافيا رجال الأعمال الذين يهدرون ثروات هذه البلدان من أجل انتفاخ جيوبهم باتت من مسببات هجرة العمال.

وعن مستقبل الكفاءات المهاجرة أشار الكومي إلى أنه لا يمكن للغرب رفض المهاجرين أصحاب الكفاءة لسبب بسيط انهم لا يريدون لهذه الكفاءات ان يعودوا لأوطانهم الأصلية. ورغم تصرفات وسلوكيات بعض اللاجئين الجدد إلا انها لا يمكن ان تنعكس على من هم مهاجرين من أصحاب كفاءات عالية أغلبهم تحصلوا على جنسية البلد المهاجرين إليه وهم يعملون على تقدمه لذلك لا يمكن الاستغناء عنهم أو التضـحـــية بهم أو التضييق عليهم.

وأوضح ان المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين قد يواجهون مستقبلا بائسا في أوروبا وأمريكا، والنازيون الجدد نذير شؤم في المستقبل القريب على المهاجرين خاصة الذين يعانون من مشكلة الحصول على إقامة وجنسية فهم سوف يطردون كما فعلت فرنسا في معسكر «كاليه» لكن تبقى التهديدات المستمرة للمهاجرين أصحاب جنسيات المهاجر تلاحقهم التنظيمات اليمينية المتطرفة التي قد تدفع الكثير منهم إلى العودة إلى أوطانهم.

    إن المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن، ما زال عاجزا عن وضع حد للصراع المستمر في سوريا منذ ما يزيد عن 5 أعوام   

دوافع وأسباب

وفي حديثه عن الأسباب الجديدة للهجرة والمرتبطة بسوء الأوضاع والصراعات القائمة في المنطقة العربية قال: «لا وجود لمؤشرات على نهاية الحروب والأوضاع تزداد سوءا والخدمات مستمرة في الانهيار، ولذلك فإن الناس سيواصلون الهرب، بينما أخذ اللاجئون في الدول المجاورة يفقدون الأمل بإمكانية عودتهم إلى بلادهم، كما وأن العيش كلاجئ في دول الجوار يعتبر بائسا بالنسبة إلى كثيرين، خصوصا وأنه لا يسمح لهم بالعمل في تلك الدول، وكذلك عدم وجود مساعدات دولية كافية لمساعدتهم في دول الجوار، الأمر الذي يدفعهم إلى ان يتحدوا مخاطر البحر إلى أوروبا. وسبب آخر وراء اللجوء إلى أوروبا يكمن في أن دول اللجوء المجاورة أخذت تفرض قيودا جديدة على اللاجئين، باعتبارهم زادوا من أعبائها وهي تعاني أصلا من أوضاع اقتصادية صعبة».

مأساة المهاجرين

ويقول إحسان عادل مستشار شؤون اللاجئين في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في ألمانيا لـ«القدس العربي»:

«في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير- كانون الأول/ديسمبر الحالي، قضى أكثر من 4،740 لاجىء ومهاجر في عرض البحر المتوسط، مقارنة بـ 3،770 خلال عام 2015 بأكمله، وهو ما يستدعي تعاملاً استثنائياً مع تلك الأزمة، واتخاذ خطوات فعلية جادة من قبل دول الاتحاد الأوروبي ودول المصدر «لإنهاء هذه المأساة المخزية بحق البشرية». 

ويضيف: «دول أوروبا مدعوة إلى العمل على التوزيع العادل للاجئين في دول الاتحاد وتبنّي نظام الحصص، وفتح المجال لتقديم طلبات الهجرة من بلدان المصدر، هذا إلى جانب أهمية مواجهة المشكلة بصورة جماعية والتفكير بحلول أخلاقية للتعامل معها واستيعابها باعتبارها أزمة إنسانية من الدرجة الأولى، وتقديم الدعم المادي للدول التي تتحمل العبء الأكبر من أعدادهم». 

ويشير إلى أن المرصد يطالب بتطوير آليات معالجة الهجرة غير الشرعية، وإيلاء الاهتمام لإنقاذ أرواح المهاجرين ووضعهم فوق أي اعتبار، وإلغاء القوانين المحلية التي تجرّم المساعدة في إنقاذهم.

ويرى المرصد ان المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن، ما زال عاجزا عن وضع حد للصراع المستمر في سوريا منذ ما يزيد عن 5 أعوام، كما أن البيئة الطاردة للاجئين في الدول العربية، وفي ضوء الأوضاع المتفجرة في العراق، والظروف الصعبة التي يلاقيها اللاجئون في دول الجوار السوري، إضافة إلى الفقر وانتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها دول غرب أفريقيا، وإغلاق الدول الأوروبية أبوابها أمام الهجرة الشرعية، كلها عوامل تدفع الآلاف إلى المخاطرة بحياتهم وركوب الموج أملاً في الوصول إلى أوروبا. كما أن تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا وحالة الفوضى التي تشهدها البلاد، ساعدت شبكات التهريب بشكل كبير، والتي تتاجر بالبشر وتستغل عوزهم. وفي ضوء إغلاق الدول الأوروبية أبوابها أمام الهجرة الشرعية، يغدو ما من حل أمام آلاف الأشخاص إلا المخاطرة بحياتهم والتعامل مع هذه الشبكات.

لا حلول لملف المهاجرين

واعتبر صالح بوالعروق الناشط والكاتب الجزائري أن ملف المهاجرين من الملفات التي لم يتوصل المجتمع الدولي الغني إلى وضع خطط لحلول ترحم الفارين من بلدانهم، بسبب تطاحن الحروب والفقر المدقع وانعدام البرامج التنموية، بالاضافة إلى عدم حصول العديد من هؤلاء الشباب على مؤهلات تسمح لهم باقتحام ميدان العمل. وبمجرد وصولهم إلى وجهتهم المفضلة ولو بطريقة غير قانونية يحصلون على فرص تضمن قوتهم وملبسهم ومأوى لهم.

وأضاف أن وضع الشباب يبقى سيئا للغاية رغم تكفل العديد من الأحزاب الاشتراكية والعمالية بقضية الوافدين إلى البلد الأوروبي، ومع ان منظمات حقوق الإنسان تحذر من سوء معالمتهم إلا أن طغيان صورة تنظيم «الدولة» والإجراءات الأمنية للقضاء عليه زادت وضعية هؤلاء تعقيدا خاصة العمال المهاجرين المنحدرين من أصول عربية وإسلامية. وقد تم اعتقال عدد كبير من المهاجرين وطرد بعضهم بشبهة الإرهاب ولمجرد الشك رغم انهم أبرياء من الفعل العدائي ضد الشعوب الأخرى، غير أن الغرب يرى مع الأسف في الإسلام مشكلته الأمنية الكبيرة وقد زاد الوضع صعوبة بعد وضع قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب. 

ويرى أن الهجرة إلى دول الخليج العربي لا تنقطع على الرغم من سوء معاملة العمال كما تنقل بعض التقارير بقوله:

يعتمد الخليجيون على عمالة آسيوية في الدرجة الأولى سيما في مجالات الطبخ والتنظيف ومختلف شؤون البناء وحسب ما تنقله لنا شهادات فإن العمال الأجانب هنالك لا يؤمنون اجتماعيا، وليس لهم الحق في التثبيت والترسيم، بل كل ما هنالك أنهم ينالون حقوقا عينية، ينتهي ضخها بمجرد توقف العامل عن نشاطه. وإن تجرأ وطالب مثلا بمنحة نهاية العمل أو المغادرة فإن كفيله، سيعتدي عليه بالطريقة التي يراها تشفي غليله من الخادم، وقد وصل الأمر إلى معاملة بعض الخدم بوحشية وحرمانهم من الأكل والشراب وتعذيبهم والاعتداء عليهم بشتى الوسائل والطرق والتهديد بالطرد من البلد.

المرأة المهاجرة

ويرى محللون ان المرأة المهاجرة تعاني الأمرين وتحديدا المسلمة التي ترتدي الحجاب، حيث تلاحقها نظرات الإشمئزاز والسخرية وقد تتعرض لمضايقات من قبل المتطرفين المعادين لوجود المهاجرين والمطالبين بطردهم من أوروبا ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تشير إلى الاعتداء على محجبات في مترو الأنفاق في دول أوروبية عدة من بينها ألمانيا حيث صورت كاميرات المراقبة تلك الاعتداءات. 

وطالبت جمعيات حقوقية نسائية بضرورة حماية المرأة العربية المهاجرة من أبشع أنواع الاستغلال الذي تتعرض له خاصة أن الغالبية منهن أميات أو تعرف أسرهن أوضاعا هشة وغالبا ما يتم انتقاؤهن عبر شبكات وسطاء ويتم تهجيرهن عبر عدة طرق: عن طريق ما يسمى بالتأشيرة السياحية (الدينية أو المدنية) والتي تلجأ إليها بعض هؤلاء المهاجرات طمعا في الحصول على شغل بعد الحلول في البلد المقصود، أو شراء عقد عمل ينص على أجور مغرية ومهن فضفاضة، إذ تنصّ غالبية عقود العمل على مهن كنادلات أو شغالات بالفنادق أو خدمات التجميل، أو عن طريق الزواج الأبيض بمقيم أو مواطن في البلد المهاجر إليه.

نحو 7200 مهاجر قضوا في 2016 في العالم

قتل نحو 7200 مهاجر ولاجئ أو فقدوا منذ بداية 2016 معظمهم من البحر الابيض المتوسط، بارتفاع بنسبة تفوق 20 في المئة عن الرقم المسجل في 2015، وفق ما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة الجمعة.

وأوضحت المنظمة ان من اجمالي 7189 متوفيا أو مفقودا حتى مساء الخميس، قضى 4812 لدى محاولتهم عبور البحر المتوسط للوصول إلى ايطاليا واليونان وقبرص واسبانيا.

ويمثل هذا الرقم معدل 20 وفاة كل يوم والحصيلة الاجمالية مرشحة للارتفاع عند نهاية العام بـ 200 إلى 300 قتيل، حسب بيان المنظمة.

ويشكل عبور البحر المتوسط الذي أقدم عليه نحو 360 ألف شخص منذ بداية العام، أخطر طرق الهجرة حيث شهد أكثر من 60 في المئة من المفقودين.

وحسب معلومات تلقتها المنظمة فان 88 شخصا اعتبروا من المفقودين اثر غرق مركب يقل 114 شخصا قبالة مدينة الزاوية الليبية. ولم تؤكد مصادر ليبية هذه المعلومات.

وأشارت المنظمة من جهة أخرى إلى ان الوفيات بين المهاجرين ازدادت على مستوى العالم هذا العام خصوصا في شمال افريقيا وجنوبها ووسط أمريكا وأمريكا اللاتينية وعلى الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة.