جنيف- دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى ضرورة الإفراج الفوري عن النشطاء والمتظاهرين الذين جرى اعتقالهم إثر خروجهم في تظاهرات سلمية في عدة مدن تونسية خلال الأيام الماضية احتجاجًا على قرار الحكومة التونسية رفع أسعار الدواء والوقود وبعض المواد الغذائية منذ بدء العام 2018، واصفًا الإجراءات القمعية تجاه المتظاهرين "بالمخالِفة للدستور التونسي ولحقوق الإنسان".

    الممارسات التعسفية للسلطات التونسية تشكل انتهاكًا واضحًا لحق المتظاهرين في التجمع السلمي   

وقال الأورومتوسطي -يتخذ من جنيف مقرًا رئيسًا له-في بيان صدر اليوم الإثنين بأنه رصد ممارسات للأجهزة الأمنية في ملاحقة النشطاء الذين يقومون بتوزيع البيانات أو كتابة الشعارات التي تدعو إلى تنظيم تحركات احتجاجية ضد غلاء الأسعار في تونس، فضلاً عن توثيقه اعتقال عدة متظاهرين في بعض المدن التونسية، مؤكدًا على أن مثل هذه الممارسات "تشكل انتهاكًا واضحًا لحق المتظاهرين في التجمع السلمي والذي كفلته لهم المواثيق والقوانين الدولية إضافة للدستور التونسي".

وذكر المرصد الحقوقي الدولي أن السلطات التونسية اعتقلت العديد من أعضاء حملة محلية أطلقها نشطاء تونسيون تحت مسمى "فاش نستناو" (ماذا ننتظر)، والتي تقود حملة الاحتجاجات ضد قرارات الحكومة برفع الأسعار، وذلك على خلفية تنظيمهم لتظاهرات في المدن التونسية أو بسبب رسوم جدرانية تندد بارتفاع الأسعار. وبحسب بيان أصدرته الحملة قامت السلطات التونسية باعتقال نشطاء من حملة “فاش نستناو” خلال يومي السبت والأحد 6 و7 يناير، لا سيما في مدن صفاقس، سوسة، بن عروس، وبنزرت.

وقالت ساندرا أوين، متحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي، إن السلطات الأمنية التونسية قامت بإيقاف أربعة نشطاء بولاية سوسة يوم الأحد 7 يناير، وتسعة آخرين بولاية بن عروس، فضلًا عن ناشطين اثنين بولاية بنزرت. وفيما وجهت لهم تهمة الكتابة على الجدران وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة والتحريض على إثارة الشغب للمتهمين، يخشى المرصد أن تكون هذه الاعتقالات تعسفية بهدف قمع الاحتجاجات، حيث توافرت عدة دلائل على اعتقال السلطات لنشطاء سلميين، فيما تم الإفراج عن معظمهم في وقت لاحق، ما يعطي مؤشرًا على فبركة الاتهامات التي على أساسها تمت الاعتقالات.

وأشارت أوين في هذا السياق إلى اعتقال السلطات 5 أشخاص على خلفية كتاباتهم شعارات على أبواب مقر ولاية قفصة، حيث تضمنت الشعارات المكتوبة انتقادات للرئيس التونسي وعبارات رافضة لغلاء الاسعار، وقامت السلطات بإطلاق سراحهم بعد تعهدهم بعدم تكرار هذه النشاطات.

وفي سياق متصل، لفت الأورومتوسطي إلى تلقّيه إفادات باستخدام القوات التونسية التابعة لوزارة الداخلية العنف في تفريقها للمتظاهرين في بعض المناطق، وأشار إلى انتشار مقطع فيديو أمس الأحد، تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر قمع القوات الأمنية باستخدام الهراوات والغازات للمتظاهرين الذين خرجوا للاحتجاج في شارع بورقيبة وسط العاصمة تونس بالقرب من وزارة الداخلية، مطالبين بإلغاء رفع الأسعار والإفراج عن رفاقهم المعتقلين.

وكان البرلمان التونسي قد اعتمد ميزانية عام 2018 والتي بموجبها أُجريت زيادة وُصفت من قبل نشطاء "بالحادة" في أسعار سلع أساسية كالدواء وكذلك الوقود وبعض الأغذية، وفي ظل قرارات محتملة في زيادة أسعار السيارات والمساكن أيضًا، فيما تقول الحكومة إن المواد الأساسية المدعمة مثل الخبز والحليب لا تشملها قرارات رفع الأسعار.

وأصدر الاتحاد العام التونسي للشغل – وهو أكبر نقابة عمالية في تونس-بيانًا أكد فيه على أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة قد تزيد من ارتفاع نسب التضخم وتعمّق التفاوت الإجتماعي، حيث وصل معدل التضخم السنوي في تونس إلى 6.3% حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بسبب زيادة مؤشر أسعار المواد الغذائية بنسبة 10.3%.

وفي ختام بيانه دعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات فورًا، واحترام حق المواطنين في التعبير السلمي عن آرائهم وتمكينهم من ممارسة حقهم في الاحتجاج دون ملاحقة أو تقيد، وعدم التعاطي الأمني مع الاحتجاجات السلمية. وأكد المرصد على ضرورة احترام السلطات التونسية لأحكام الدستور التونسي الذي كفل حق التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير في الفصل 37 منه، إضافة لاحترام قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تعد تونس طرفًا فيه.