جنيف – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق فوري في القتل غير المشروع للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة على يد القوات الإسرائيلية خلال التصعيد الأخير (4-6 مايو 2019)، لافتًا إلى أنّ عمليات القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي تسببت خلال يومين بقتل 27 فلسطينيًا -معظمهم مدنيين- من بينهم امرأتين وابنيهما وطفلة رضيعة، وجرح مئات آخرين.
استهدفت القوات الإسرائيلية عمداً الأعيان المدنية في قطاع غزة، وهو أمر ينتهك القانون الدولي، ويتجاوز بكثير الضرورة العسكرية
وعبّر الأورومتوسطي في بيان صحفي اليوم عن قلقه العميق من نتائج الهجوم الإسرائيلي الأخير لتأثيره غير المسبوق على المدنيين في القطاع المحاصر منذ أكثر من 13 عامًا، لافتًا إلى أنّ القصف الإسرائيلي دمّر عشرات المنشآت الفلسطينية المدنية بشكل كلي أو جزئي، من بينها مبانٍ تحوي شققًا سكنية تؤوي عائلات، وأخرى تضم مقرات لمؤسسات أجنبية وفلسطينية، مثل مكتب وكالة الأناضول التركية، وجمعية "يارديم" التركية.
وذكر الأورومتوسطي أنّ التطورات الأخيرة تفاقم من الواقع الصعب لحياة الفلسطينيين في قطاع غزة، وتنتهك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، محملاً سلطات الاحتلال الإسرائيلية مسؤولية حياة المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
وبيّن الأورومتوسطي أن تدمير الممتلكات المدنية سلوك غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني إن لم يكن مبرراً بالضرورة العسكرية، كما جاء في المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. كما أن حظر تدمير الممتلكات منصوص عليه في المادة 25 من لوائح لاهاي لعام 1907 بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية التي تحظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية، بالإضافة إلى المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي توجب على الدولة القائمة بالاحتلال ألا تدمر أي ممتلكات خاصة، ما لم يكن هنالك ضرورة ملحة لدرء الأعمال العدائية. وهو ما لم يتحقق من الضربات التي استهدفت الأحياء المدنية وأهدرت أرواح الأبرياء. من هنا، تشكل هذه الأفعال جريمة حرب بموجب المادة 8-2، ب 2 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح الأورومتوسطي أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تتعارض مع مبدأ الضرورة والمادة 52 (3) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تحظر استهداف أي منشأة تستخدم عادةً لأغراض مدنية إلا في حال وجود دليل قاطع بخلاف ذلك. كما تنص المادة 57 على أنه يجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة عند اختيار أساليب الهجوم لتجنب التسبب في وقوع إصابات، بما في ذلك عن طريق إعطاء إنذار مسبق ووسائل فعالة في حالة وقوع هجمات قد تؤثر على السكان المدنيين. لذلك، فإن تدمير الممتلكات غير قانوني إذا لم يراع مبدأ التناسب، الذي يحظر التسبب بأضرار مدنية بشكل يفوق المكسب العسكري المرجو.
وأكّد الأورومتوسطي أن القوات الإسرائيلية استهدفت عمداً الأعيان المدنية في قطاع غزة، وهو أمر ينتهك القانون الدولي، ويتجاوز بكثير الضرورة العسكرية.
ودعا الأورومتوسطي أطراف النزاع إلى احترام اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي يجب العمل بها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والأراضي العربية الأخرى التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، على النحو المذكور في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A / 72/448 بتاريخ 7 ديسمبر 2017.
كما حثّ الأورومتوسطي جميع الوسطاء المعنيين إلى اتخاذ خطوات جادة نحو إنهاء الحصار المفروض على غزة والقيود الإسرائيلية المفروضة على سكانها، والتي تسببت في شلل شبه كامل لحياتهم، مشددًا على أهمية العمل على تحسين ظروف حياتهم دون شروط. ولفت إلى أنّه ما دامت إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية وتفرض حصارًا على قطاع غزة، فإن احتمال نشوب صراع آخر قريب سيظل دائمًا في الأفق.