أعلنت وكالة الهجرة الفنلندية يوم الثلاثاء الموافق 4 آب/ أغسطس 2020 نقل 16 لاجئًا مهمشًا من مخيم في قبرص إلى فنلندا، كمرحلة أولى من تنفيذ قرار الحكومة الفنلندية استقبال 175 لاجئًا من مخيمات البحر الأبيض المتوسط في مالطا وقبرص واليونان وإيطاليا، وقد نص القرار على أن يكون معظم اللاجئين من أصل سوري وأفغاني، حيث تبنت المفوضية الأوروبية رعاية البرنامج في فنلندا بمبلغ 12 مليون يورو لتغطية التكاليف اللازمة.
ولكن عند ترجمة هذه المبادرات واللفتات الرمزية إلى أرض الواقع، فإن فعاليتها ضعيفة إلى حد ما ولا ترقى إلى مستوى البرامج العملية ذات النطاق الواسع والتي من شأنها معالجة قضايا اللاجئين المطروحة.
في ظروفٍ مشابهة، استقبلت الحكومة الألمانية 83 لاجئًا من المخيمات اليونانية، منهم 18 طفلاً بحاجة إلى مساعدة طبية، وهم من أصولٍ عراقية وفلسطينية وصومالية وسورية وأفغانية. وسيتم توزيعهم على تسع ولايات ألمانية.
تندرج كلتا المبادرتين تحت الجهود المبذولة من المفوضية الأوروبية لاستقبال اللاجئين المهمشين غير المصحوبين في الدول الأعضاء الأقل اكتظاظًا، والقادمين من مخيمات البحر الأبيض المتوسط ذات الظروف القاسية.
تلقى فريقنا في المرصد الأورومتوسطي رداً من يلفا يوهانسون، مفوض الاتحاد الأوربي، على رسالة أرسنالها سابقاً، عبرنا فيها عن قلقنا بشأن وضع اللاجئين في اليونان. وفي الرسالة، ناشد كلٌ من السيد "فون دير لين" رئيس الاتحاد الأوروبي، والسيدة "جوهانسون"، الدول الأعضاء لاستقبال اللاجئين من اليونان. وقال السيد "جوهانسون": شاركت 8 دول أعضاء فقط باستقبال اللاجئين وأسهموا في نقل ما لا يقل عن 1600 لاجئ غير مصحوبين من اليونان". وأضاف أن "المفوضية تساند تنظيم مؤتمر مع الدول الأعضاء تحت عنوان "الأطفال في الهجرة"، في الربيع".
بلا شك، فإن هذه المبادرات النبيلة تمثل خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف الضغط على مخيمات اللاجئين في الدول الأوربية المطلة على المتوسط، وتظهر بشكل واضح التضامن والتعاطف الأوربي مع اللاجئين. والأكثر أهمية أنّها تمثّل اعترافًا بالظروف القاسية التي يعيشوها طالبو اللجوء في المخيمات المكتظة. فعلى سبيل المثال، يضطر 40 ألف شخص في اليونان إلى العيش في مراكز الاستقبال التي لا تتسع سوى لـ 6 آلاف، ناهيك عن النقص الكبير في الطعام، وفقدان المعاملة الإنسانية.
ولكن عند ترجمة هذه المبادرات واللفتات الرمزية إلى أرض الواقع، فإن فعاليتها ضعيفة إلى حد ما ولا ترقى إلى مستوى البرامج العملية ذات النطاق الواسع والتي من شأنها معالجة قضايا اللاجئين المطروحة.
وللتدليل على ذلك، فعلى الرغم من استقبال ألمانيا لـ 18 طفلًا وذويهم وإنقاذهم في لفتة إيجابية محمودة، إلا أنّ ذلك مجرد قطرة في بحر، فهكذا مبادرة صغيرة لا ترقى إلى المستوى المطلوب في معالجة مشكلة اللاجئين، إذ تمثّل اليونان موطنًا لأكثر من 5000 لاجئ من القاصرين غير المصحوبين يعيشون في ظروف حالكة تحول بينهم وبين كرامتهم وشعورهم بالطمأنينة.
تمتلك دول الاتحاد الأوروبي كألمانيا الموارد والبنية التحتية الكافية لاستقبال أعداد أكبر من اللاجئين العالقين في أشهر مخيمات البحر الأبيض المتوسط ذات الظروف القاسية مثل موريا في اليونان، فهكذا مبادرة كفيلة بتغيير حياة هؤلاء اللاجئين للأفضل وبدورها تخفف الضغط على الحكومة اليوناينة في توفير خدمات أفضل للاجئين.
على جميع دول الاتحاد الأوروبي تعزيز التزامتها وتعهداتها من أجل تخفيف أزمة اللاجئين بفاعلية إما عن طريق استقبال اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي على البحر المتوسط بأعداد أكبر أو بتوفير المساعدات المالية واللوجستية للدول الراغبة في استقبال هؤلاء اللاجئين.
في ظل المخاطر الجسيمة التي تشكلها جائحة فيروس كورونا على حياة اللاجئين في مخيمات البحر الأبيض المتوسط، يجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المساهمة بشكل كبير في استقبال للاجئين وإعادة توزيعهم بالإضافة إلى حشد إرادتهم السياسية واتخاذ القرارت اللازمة لتجنب كارثة تلوح في الأفق.