جنيف - رحب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم بدعوة الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى وقف سياسة هدم المنازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك المباني الممولة من الاتحاد الأوروبي في ظل وصول عمليات الهدم إلى مستوى قياسي هذا العام.  

   بيان الاتحاد الأوروبي يعتبر بمثابة اعتراف إيجابي بخطورة عمليات الهدم الإسرائيلية المتزايدة للمباني الفلسطينية وسط جائحة فيروس كورونا   

 

وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيان صحفي، إن على الاتحاد الأوروبي عدم الاكتفاء بالمواقف الإعلامية، والمضي قدمًا في ممارسة ضغط فعلي على إسرائيل عبر اتخاذ خطوات ملموسة لوقف سياسة هدم المنازل التي تمثل انتهاكات جسيمة.

وكان المتحدث باسم دائرة العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي أصدر اليوم بيانًا يدين فيه هدم إسرائيل لأكثر من 70 مبنى فلسطينيًا في خربة "حمصة الفوقا" شمالي الأغوار في الضفة الغربية، ما أدى إلى تشريد 73 شخصًا من بينهم 41 طفلًا.

وحذر البيان من أن هناك حاليًا 52 مدرسة فلسطينية مهددة بالهدم، داعيًا إلى "حماية الأطفال، بما في ذلك ضمان حقهم في التعليم في بيئة مدرسية آمنة"، مؤكدًا على أنه يتوجب على إسرائيل وقف عمليات الهدم لا سيما في ضوء التأثير الإنساني لانتشار جائحة فيروس كورونا.

وعقب رئيس المرصد الأورومتوسطي، "رامي عبده" بالقول إن بيان الاتحاد الأوروبي يعتبر بمثابة اعتراف إيجابي بخطورة عمليات الهدم الإسرائيلية المتزايدة للمباني الفلسطينية وسط جائحة فيروس كورونا.

وأكد "عبده" أن المطلوب الآن ترجمة الموقف الأوروبي إلى سياسات ذات مغزى وإجراءات تضع حداً لانتهاكات إسرائيل المخالفة للقانون الدولي والتزاماتها تجاه اتفاقية جنيف الرابعة كسلطة احتلال.

وأطلق فريق الأورومتوسطي على مدى الشهرين الماضيين حملات مكثفة لاستصدار موقف قوي للاتحاد الأوروبي بشأن تصعيد إسرائيل لعمليات هدم المباني الفلسطينية في الضفة الغربية، لاسيما المناطق المصنفة (ج)، بما في ذلك المباني الممولة من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.

وسلم الأورومتوسطي مذكرة سياسية مباشرة إلى العديد من المشرعين في الاتحاد الأوروبي في تشرين أول/أكتوبر الماضي، يوضح فيها بالتفاصيل خطورة الاستهداف الإسرائيلي للفلسطينيين في المنطقة (ج) التي تشكل نحو ثلثي الضفة الغربية، إضافة إلى القدس الشرقية.

وأشارت المذكرة إلى أنه على الرغم من تفشي جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية المصاحبة لها، فان إسرائيل كثفت وبشكل كبير عمليات هدم المباني الفلسطينية، بما في ذلك المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي؛ حيث شهدت الفترة من آذار/مارس إلى آب/أغسطس 2020 أعلى معدل تدمير خلال الأربع سنوات الماضية.

وشددت المذكرة على أن إسرائيل "لا تسعى فقط إلى تقويض وتثبيط المباني الممولة من الاتحاد الأوروبي، بل وتهدف إلى القضاء عليها تمامًا".

وفيما يخص دحض ذريعة إسرائيل لهدم المباني الفلسطينية على أنها "تفتقر إلى التصريح"، قدم الأورومتوسطي تفاصيل توثيقية لعدم سماح إسرائيل بالبناء والتنمية للفلسطينيين في المنطقة (ج) أو الربط بشبكات المياه والكهرباء.

وأشار المرصد الحقوقي الدولي إلى تعمد السلطات الإسرائيلية جعل الحصول على تصاريح البناء شبه مستحيلة على الفلسطينيين أو الأجانب، بحيث وافقت على ما تبلغ نسبته 2.3% فقط من طلبات الحصول على تصاريح البناء بين عامي 2009 و2012.

وأشارت المذكرة كذلك إلى أن فريق الأورومتوسطي وثق بعض الحالات التي قامت فيها إسرائيل بهدم ومصادرة شبكات الكهرباء التي يمولها الاتحاد الأوروبي والمعدات التي تم تركيبها بالتنسيق مع الإدارة المدنية الإسرائيلية في المقام الأول.  

   بصفته الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، فإن الاتحاد الأوروبي مسؤول أخلاقيًا وقادر سياسيًا على وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين   

رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان

 

وأوصى المرصد الأورومتوسطي في مذكرته بأن على الاتحاد الأوروبي صياغة موقف واضح وثابت بشأن هدم وتدمير المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي ومطالبة إسرائيل بالتعويض عن المشاريع المدمرة التي تم تمويلها أوروبيًا، ومواصلة الاستثمار في التنمية الفلسطينية، ومعاقبة الحكومة الإسرائيلية عند استهداف المشاريع الممولة من أوروبا.

واختتم عبده قائلاً "إن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه الهدم الإسرائيلي للمنازل يعتبر خطوة إيجابية، ولكن وقف هذه الانتهاكات يتطلب اتخاذ إجراءات ملموسة بدلًا من الاكتفاء بالمواقف الإعلامية فقط."

وأبرز عبده أنه "بصفته الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، فإن الاتحاد الأوروبي مسؤول أخلاقيًا وقادر سياسيًا على وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية  لحقوق الفلسطينيين".

 

خلفية:

منذ بداية العام 2020، هدمت إسرائيل 689 مبنًى في مختلف أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهو عدد يفوق ما هُدم خلال عام بأكمله منذ العام 2016، مما أدى إلى تهجير 869 فلسطيني وتركهم بلا مأوى. وعادةً ما يتم التذرّع بالافتقار إلى رخص البناء التي تصدرها السلطات الإسرائيلية كسبب للهدم، مع أن الفلسطينيين لا يستطيعون الحصول على هذه الرخص على الإطلاق تقريبًا بسبب نظام التخطيط التقييدي والتمييزي.

وبحسب مكتب تنسيق الشئون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية التابع للأمم المتحدة، تشكّل عمليات الهدم وسيلة رئيسية لخلق بيئة غايتها إجبار الفلسطينيين على الرحيل عن منازلهم.