جنيف- رحّب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بقرار الاتحاد الأوروبي تشديد الإجراءات على تصدير معدات المراقبة الإلكترونية لدول ثالثة تشهد انتهاكات حقوق الإنسان، مطالبًا في الوقت ذاته بحظر تصدير تلك المعدات بشكل نهائي للدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط.
 

   الاتحاد الأوروبي يفخر بحماية الحريات المدنية، وتصنيف الخصوصية وحماية البيانات حقًا من حقوق الإنسان، وعليه فإنه ملزم أخلاقيًا بتطبيق تلك المبادئ على صادراته الإلكترونية، وضمان ألا يتورط مع الأنظمة الاستبدادية في قمع الحريات في الشرق الأوسط   

محمد شحادة، المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في أوروبا

 

وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف في بيان صحفي اليوم، إنّ المفاوضين في المجلس والبرلمان الأوروبي صادقوا يوم الأحد الماضي على قواعد جديدة من شأنها ضبط تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج، والتي تسيء الدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان استخدامها ضد مواطنيها.

 وبينّ الأورومتوسطي أنّه على الرغم من تلك الخطوة الإيجابية، إلا أنّ القرار ترك لدول الاتحاد الأوروبي الخيار في تقرير ما إذا كانت القيود الجديدة تشمل منتجات كتقنية التعرف على الوجه أم لا، وهي التقنية التي تستخدمها عدة دول قمعية في مراقبة مواطنيها وتتبع تحركاتهم.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ إقرار القواعد الجديدة يمثّل خطوة مهمة في إطار حرمان بعض الأنظمة في الشرق الأوسط من الأدوات القمعية المتطورة، إذ تلجأ كل من السعودية والإمارات وليبيا ومصر لاستخدام أجهزة المراقبة الأوروبية لقمع المعارضين. في عام 2017، نقلت الإمارات لمصر برمجيات فرنسية بقيمة 10 ملايين يورو، مصممة لتسهيل رصد المشتبه بهم عن طريق تتبع رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية، والوصول لمواقع التواصل الاجتماعي وغرف المحادثات الخاصة. وفي عام 2011، باعت شركة "أمسيس" الفرنسية نظام مراقبة للرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وما تزال التحقيقات جارية في المحكمة الفرنسية العليا بشأن هذه القضية.

وبيّن أنّ القواعد الجديدة ستسمح بتطبيق المساءلة والشفافية في تجارة المعدات ذات الاستخدام المزدوج، وتوضيح المخاطر التي تشكلها هذه التقنيات في أيدي الأنظمة القمعية، لكنّ ترك الأمر للدول الأعضاء في تحديد التقنيات التي تنطبق عليها القواعد الجديدة يُمثل ثغرة خطيرة، إذ تستخدم الأنظمة القمعية على سبيل المثال، تقنية التعرف على الوجه لتحديد هويات المتظاهرين خلال التظاهرات، وبالتالي تتسبب هذه التقنية باعتقال الأشخاص بشكل تعسفي.

بدوره قال المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في أوروبا "محمد شحادة": "إنّ الاتحاد الأوروبي يفخر بحماية الحريات المدنية، وتصنيف الخصوصية وحماية البيانات حقًا من حقوق الإنسان، وعليه فإنه ملزم أخلاقيًا بتطبيق تلك المبادئ على صادراته الإلكترونية، وضمان ألا يتورط مع الأنظمة الاستبدادية في قمع الحريات في الشرق الأوسط".

في ذات السياق، عبّر الأورومتوسطي عن خشيته من عرقلة ألمانيا المجلس الأوروبي عن اتخاذ تلك القرارات طوال السنوات الماضية، إذ كانت تُظهر دعمها العلني لفرض تلك القيود، لكنّها تفعل خلاف ذلك تحت الطاولة. وهذا الموقف الغامض لألمانيا قد يكون سببه المصالح التجارية، إذ تمثّل الصادرات الألمانية نحو 60% من صادرات الاتحاد الأوروبي من المعدّات ذات الاستخدام المزدوج. فبين عامي 2010 و2012، تورطت شركة المراقبة الألمانية "فين فيشر" في بيع معدات تجسس على المتظاهرين للسلطات البحرينية التي استخدمتها في قمع وتعقّب الحراك الشعبي.

وأكّد الأورومتوسطي أنّ توفير تصدير تلك المعدات والتقنيات للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط انتهاك صارخ للحق في حماية البيانات الشخصية والحق في الحياة الخاصة، المنصوص عليهما في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 7 في ميثاق الحقوق والحريات الأساسية.

وحثّ الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي على حظر تصدير التقنيات والمعدات إلى الأنظمة القمعية بشكل نهائي، وإخضاع شركات المراقبة الأوروبية المتورطة في بيع المعدات للأنظمة القمعية إلى مساءلة صارمة وضوابط أكثر حزمًا في عمليات التصدير، بالإضافة إلى احترام وحماية الحق في الخصوصية في كل مكان والمنصوص عليه في ميثاق الأوروبي والاتفاقية الأوروبية.