أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فض السلطات المغربية تجمعات سلمية لمعلمين في العاصمة #الرباط، داعيًا الحكومة المغربية إلى الكف عن التعامل الأمني مع الاحتجاجات الشعبية.
المشاهد الصادمة من شوارع الرباط تعبّر عن مستوى غير مسبوق من القمع والاستخفاف بالكرامة الإنسانية، وتعكس صورة قاتمة عن احترام المغرب لحقوق مواطنيها الأساسية
أنس جرجاوي، المدير الإقليمي للأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وقال المرصد الحقوقي الأوروبي إنّ قوات الأمن المغربية تعاملت بعنف مفرط مع مئات المعلمين الذين تظاهروا يوم الثلاثاء والأربعاء 16 – 17 مارس/آذار الجاري في شوارع الرباط، ما أدّى إلى إصابة عشرات المعلمين واعتقال عشرات آخرين.
وتلقّى الفريق الرقمي في المرصد #الأورومتوسطي عشرات الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر أفراد أمن بزي رسمي وآخرين بزي مدني أثناء اعتدائهم على المعلمين بالضرب بالعصي والهراوات المعدنية، والركل بالأرجل والأيدي، وملاحقتهم في الأزقة في محاولة لاعتقالهم.
واطلع المرصد الأورومتوسطي على إفادات لعدد من المعلمين الذي شاركوا في التظاهرات، إذ قال "سعيد أحمد" (اسم مستعار): "تعرضّنا يوم الثلاثاء 16 مارس/ آذار الجاري لهجوم عنيف من عناصر الأمن ومدنيين متعاونين معهم، وكانوا يستهدفون في المقام الأول المعلمّين الذي كانوا يوثقون القمع بكاميرات هواتفهم النقالة، حيث صادروا عددًا كبيرًا من الهواتف، ومنعوا المعلمين من التحدث للإعلام".
وتابع "في اليوم التالي، عاودنا التجمّع للتوجه إلى مقر البرلمان، ولكنّ قوات الأمن حاصرتنا قرب ساحة باب الأحد، وفرّقتنا وطاردت المجموعات التي حاولت إعادة التجمع واعتقلت عددًا من المعلمين".
ويأتي اعتصام المعلّمين المتعاقدين في العاصمة الرباط بعد أسابيع من خوضهم إضرابًا عن العمل، وتنظيم وقفات احتجاجية في عدد من المدن المغربية، للمطالبة بالإدماج الفوري في النظام الأساسي العام لموظفي التعليم.
من جانبه، قال المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "أنس جرجاوي" إنّ المشاهد الصادمة من شوارع الرباط تعبّر عن مستوى غير مسبوق من القمع والاستخفاف بالكرامة الإنسانية، وتعكس صورة قاتمة عن احترام المغرب لحقوق مواطنيها الأساسية.
ولفت "جرجاوي" إلى أنّ المعلمين المتعاقدين لم يرتكبوا أي تجاوزات خطيرة تستدعي التعامل الأمني العنيف، ولم تخرج نطاق احتجاجاتهم عن وسائل التعبير السلمية المكفولة في القوانين المحلية والدولية ذات العلاقة، مشيرًا إلى أنّ السلطات أرادت فيما يبدو من خلال حملة القمع إرسال رسالة ترهيب إلى الشارع، وإظهار تصميمها على عدم التساهل مع أي احتجاج شعبي أو نقابي.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ الدستور المغربي كفل بشكل حظر على نحو جليّ الاعتداء على المواطنين وانتهاك كرامتهم، إذ نص الفصل (22) على أنّه: "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية
وبيّن أن الدستور كفل حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، إذ جاء في الفصل (29) أنّ: "حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات".
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى التوقف الفوري عن استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، والكف عن مصادرة حقوقهم المكفولة في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
وحث الأورومتوسطي السلطات على إجراء تحقيق شفاف ومستقل في الاعتداءات الخطيرة على حراك المعلمين المتعاقدين، وتقديم المسؤولين عنها للعدالة، وضمان عدم تكرار هذا التغوّل الخطير على حقوق المغربيين وحرياتهم. كما طالب السلطات بتفعيل الحوار مع المعلمين المتعاقدين، والوصول إلى حل يحفظ حقوقهم القانونية، بعيدًا عن اللجوء للحلول الأمنية التي تعمّق الأزمة وتبعد فرص التوافق على حلول مناسبة.