في 14 مارس/آذار، سنّت المملكة العربية السعودية، المعروفة منذ فترة طويلة بمعاملتها القاسية للعمال الأجانب، قانونًا يمنح أولئك العمال مزيدًا من الحقوق. ومع ذلك، فإنّ أكثر من نصف هؤلاء العمال، أو خمس فئات منهم تحديدًا، ما يزالون يخضعون لنظام الكفالة الاستغلالي. إنّ ذلك يجب أن يتغير.

في حين أنّ أولئك المشمولين بالإصلاحات القانونية مثل عمال البيع بالتجزئة والبناء لن يضطروا إلى الحصول على إذن أصحاب العمل لمغادرة البلاد أو العودة إليها، إلا أنه ما يزال يتعيّن على خمس فئات أخرى الحصول على إذن أرباب عملهم، وبذلك تسمح السلطات السعودية لأرباب العمل بالاستغلال والسيطرة على الفئات الأكثر ضعفًا.

ليس من المبالغة أن نقول أنّ نظام العمالة في المملكة العربية السعودية يعتمد على العبودية الحديثة، إذ أسست الحكومة نظامًا راسخًا لاستغلال العمالة يمتد إلى أطياف المجتمع كافة، بما يخالف النظام الدولي لحقوق الإنسان. ومثل أي مكان آخر في الشرق الأوسط، يخضع العمال المهاجرون في المملكة العربية السعودية لنظام الكفالة سيئ السمعة، والذي يمنح أصحاب العمل سلطة شبه مطلقة على حياتهم.

تستضيف المملكة العربية السعودية 13 مليون عامل أجنبي، محتلة بذلك مركز ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد العمال الأجانب، أغلبهم من بنغلاديش ومصر وإثيوبيا والهند وإندونيسيا وباكستان والفلبين والسودان واليمن، فيما يتم عادة الاتفاق على عقد العمل ولكنه نادرًا ما يحترم.

وعلى الرغم من أن جزءًا كبيرًا من تفاصيل القانون الجديد ما تزال غير واضحة، إلا أنّ تطبيقه سيشكل انفراجة حاسمة، إذ يمكن للأشخاص المشمولين بالإصلاحات نقل الكفالة إلى صاحب عمل آخر عندما ينتهي عقدهم دون موافقة الكفيل الأول، شريطة أن يقدموا إشعارًا وأن يستوفوا "تدابير محددة" أخرى غير معروفة.

ورغم ذلك، هناك خمسة أنواع من العمال (يشكلون حوالي 60% من المهاجرين في السعودية) مستثنون من الإصلاحات وهم: السائقون الخاصون، والحراس، وخادمات المنازل، والرعاة، وعمال الحدائق.

من بين العديد من جوانب حياة العمال اليومية التي يقيدها نظام الكفالة بشكل كبير هي القدرة على كسب الدخل والتحكم في أرباح الفرد عن طريق، على سبيل المثال، فتح حساب مصرفي أو الحصول على قرض.  فعلى سبيل المثال، تطلب البنوك طلبًا رسميًا من صاحب العمل يتضمن طبيعة عمل المهاجر والغرض من الحساب، ويجب أيضًا تقديم تصريح عمل المهاجر وجواز السفر. وبمجرد فتح الحساب، يتم إصدار بطاقة صراف آلي فقط للمهاجر إذ أن الشيكات الشخصية وبطاقات الائتمان غير مسموح بها.

علاوة على ذلك، تفرض المملكة رسوم عالية على العمال الأجانب وأفراد أسرهم، ففي عام 2017، طلبت السلطات السعودية دفع رسوم سنوية لكل شخص يرافق العامل، حُددت في البداية بـ 100 ريال، ثم تم زيادتها تدريجيًا. وحتى في ظل تفشي جائحة كورونا، تم زيادة الرسوم في عام 2020 بمقدار 400 ريال إضافية. يجب الآن على كل عامل دفع 4800 ريال سعودي (1200 دولار أمريكي) سنويًا لكل شخص مرافق - وهو مبلغ فلكي في ضوء أجورهم المنخفضة.

يجب على صاحب العمل دفع الرسوم الأخرى نيابة عن العمال، ولكن، في كثير من الحالات، يتعين على العمال دفع الرسوم (حوالي 800 ريال سعودي) بأنفسهم. ونظرًا لأن الرسوم المطلوبة غالبًا ما تتجاوز أجورهم، يضطر العمال المهاجرون في بعض الأحيان إلى مغادرة البلاد (وهو ما كان في غاية الصعوبة خلال فترة الجائحة).

ومع ذلك، على الرغم من هذه الرسوم العالية، تقاضى العمال المنزليون والمهاجرون الآخرون خلال الجائحة نصف ما تم التعهد به في غالب الأحيان. فبينما نصحت الحكومة السعودية أصحاب العمل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بدفع حد أدنى للأجور يبلغ 4000 ريال شهريًا، إلا أنّ هذا لم يطبّق على العمال الوافدين عمليًا. أما النساء فهم ضحايا بشكل خاص. إذ غالبًا ما يتقاضون أجرًا زهيدًا قدره 1000 ريال (266 دولارًا أمريكيًا) شهريًا أو أقل، ما يحول دون إرسال أي مال يذكر إلى بلدانهم بعد أن يدفعوا نفقاتهم الخاصة في الوقت الذي يتقاضى فيه المهاجرون الذكور أجرًا يبلغ حوالي 1500 ريال.

على الرغم من الإدانات الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان التي يواجهها العمال المهاجرون في المملكة، لم يتم اتخاذ إجراءات كافية، وفي الوقت نفسه، على الرغم من أنّ السلطات السعودية صدّقت على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل، بما في ذلك اتفاقية حماية الأجور لعام 2020، إلا أنّها لم تنفّذها بعد.

لتخفيف معاناة الملايين من العمال المهاجرين المستضعفين في المملكة العربية السعودية، يجب أن يكون هناك تعاون بين المنظمات الدولية لحقوق الإنسان من جهة والهيئات الوطنية والمحلية والدول التي ترسل المهاجرين إلى المملكة من جهة أخرى، للمطالبة بوضع حد للانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها العمال الأجانب. فإذا لم يتمتع العمال الأجانب بحقهم في الحصول على أجور عادلة وفي وقتها، وكذلك حساب مصرفي مستقل، فلن يتمكنوا من تحقيق الصحة المالية التي تركوا منازلهم من أجلها.

هذا المقال نُشر أولًا باللغة الإنجليزية على مركز جامعة أكسفورد لحقوق الإنسان