جنيف – ستراسبورغ 

تعتزم مؤسستان أوروبيتان عرض تقرير استقصائي وحقوقي شامل يوثق لكارثة غرق قوارب المهاجرين القادمين من سورية إلى أوروبا عبر البحر المتوسط هربًا من الحرب، وذلك في ندوة داخل البرلمان الأوروبي تأتي في إطار تحرك أوسع لتقديم مقترح يهدف إلى تعديل التشريعات الأوروبية المتعلقة باستقبال المهاجرين غير الشرعيين.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان-جنيف، ومركز العلاقات الأوروبية الفلسطينية-بروكسل، في بيان صادر اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر، أن التقرير ستتم مناقشته اليوم ضمن ندوة داخل البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، خصصت لبحث رحلات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين المحفوفة بالمخاطر إلى كل من ايطاليا ومالطا على إثر غرق قارب للاجئين كان يقل أكثر من 400 مهاجر قبالة السواحل الايطالية المالطية الشهر الماضي.

وأشار البيان إلى أن الندوة جاءت بناءً على دعوة من "مجموعة عمل أوروبا – فلسطين" داخل البرلمان، ومجلس العلاقات الأوروبية - الفلسطينية، حيث من المقرر أن يترأس الندوة عضو البرلمان الأوروبي ورئيس المجموعة السيد ديفيد مارتن.

ونوّهت المؤسستان إلى أن التقرير الاستقصائي يعرض في ستين صفحة "رحلة الموت" التي عاشها اللاجئون الفارون من الحرب في سورية، منذ أن دفعتهم عوامل انعدام الأمن وغياب الرعاية الأممية في دول الجوار السوري، إلى ركوب البحر بحثاً عن الحياة، لينتهي المقام ببعضهم ضحايا مجهولين في "مقابر الأرقام".

 ويلفت التقرير الأنظار إلى المعاملة التمييزية التي يلقاها اللاجئ الفلسطيني من سورية في دول الجوار، والتي تحرمه - في مصر على سبيل المثال- من التمتع بوضع "اللاجئ" أو تلقي أي مساعدة من جهة أممية، إلى جانب منحه تأشيرة دخول لا تتعدى ثلاثة أشهر فقط، مما جعل العشرات منهم فريسة في يد أطماع سماسرة التهريب إلى أوروبا، حيث سجل التقرير العديد من حالات الاحتيال التي تمّ فيها استغلال حاجة اللاجئين ونهب أموالهم أو تسليمهم للسلطات في مصر.

وعن مسؤولية السلطات الأوروبية عن غرق قارب الهجرة في الـ11 من أكتوبر الماضي، والذي كان يقل أكثر من 400 لاجئ فلسطيني وسوري، تحدث التقرير عن "وقت ضائع في تبادل المعلومات والتنسيق والاتصالات بين السلطات الايطالية والمالطية رغم صدور اشارات جدية من القارب الغارق لطلب المساعدة، وهو ما يعكس خللا وفجوة في أنظمة التعامل مع القوارب المهددة بالغرق".

فقد أفادت شهادات جمعها باحثو المرصد الأورومتوسطي؛ بأنه مع اقتراب قارب الهجرة في 11 أكتوبر من الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وبسبب تسرب الماء داخله، بدأت الأمواج تجرفه باتجاه مالطا، وهناك أرسل قبطان القارب نداء استغاثة إلى السلطات الإيطالية لإنقاذ المركب، لكنّها أبلغته بأنها لن تتدخل لوجودهم بالمياه الإقليمية المالطية، فقام القبطان بالتواصل مع السلطات المالطية التي تعذّرت بعدم توافر إمكانات إنقاذهم، وعاد القبطان لاستغاثة السلطات الإيطالية التي وصلت للقارب بعد غرقه تماماً، ما أدّى لتغييب عشرات اللاجئين الذي لم تكن بحوزتهم سترات نجاة في عمق البحر، ليصبحوا لاحقاً في عداد القتلى والمفقودين.

وفي ضوء ذلك؛ دعا التقرير الحقوقي إلى تعديل اللوائح الجديدة المقترحة لمهمة "الوكالة الأوروبية لإدارة التعاون العملياتي على الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي" المعروفة باسم "فرونتكس"، بحيث تشمل تعريفات أوسع لمفهوم العسر أو "الشدة" التي تقيس مدى الخطر الذي يمكن أن تتعرض له القوارب المهاجرة، بما يسمح بالتدخل السريع لإنقاذها. ويشمل ذلك مراعاة ملاءة القوارب للإبحار، وعدد ركابها مقارنة بنوع القارب، ووجود طاقم مؤهل لقيادة القارب، ومدى توافر المستلزمات الضرورية والظروف الجوية والبحرية. يشار إلى أن من مهمة "فرونتكس" مساعدة أعضاء دول الاتحاد الأوروبي في تطبيق القوانين الأوروبية المتعلقة بضبط الحدود والتعاون والتنسيق عملياتياً بين الدول الأعضاء في مجال ادارة الحدود الخارجية.

 وختم التقرير بدعوة المجتمع الدولي؛ لا سيما الأمم المتحدة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى الاضطلاع بدورهم حيال اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين والفلسطينيين من سورية، الذين تقطّعت بهم السبل في مصر وأوروبا، بما في ذلك الضغط على الدول التي يتواجدون فيها لمنحهم حقوقهم وتوفير المرافق الملائمة لاستقبالهم، وعدم إساءة معاملتهم، أو احتجازهم تعسفياً، أو ترحيلهم، إلى جانب دراسة طلبات لجوئهم بأسرع وقت، ومنح المستحقّين منهم صفة اللاجئ.

كما دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى "تطوير آليات معالجة الهجرة غير الشرعية، وإيلاء الاهتمام لإنقاذ أرواح المهاجرين ووضعه فوق أي اعتبار، وإلغاء القوانين المحلية التي تجرّم المساعدة في إنقاذهم"، كما طالب إيطاليا بأن تكون أكثر مرونة في تطبيق قانون أخذ بصمات أصابع المهاجرين، وما يتصل بذلك من تخفيفٍ للقيود المنصوص عليها في اتفاقية "دبلن 2" والتي تحول دون جمع شمل الأسر بأبنائها. وحثّ التقرير الحقوقي الاتحاد الأوروبي على تقديم المساعدة العاجلة من أجل انتشال القارب الغارق والجثث التي لا تزال حتى اللحظة في قاع البحر، مشيرًا إلى أن السلطات الايطالية والمالطية تقول إن القارب غارق على عمق يتجاوز نحو 700 متر وان استرجاع الجثامين وتشخيص ما تبقى من الضحايا المقدر عددهم بأكثر من 100 ضحية أمر يستصعب تنفيذه لما يحتاجه من موازنة مالية مرتفعة.

للاطلاع على التقرير كاملاً: من هنــا