جنيف - أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء الإجراءات التعسفية التي تمارسها السلطات الجزائرية بحق عشرات من معتقلي الرأي أعلنوا إضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجًا على تمديد احتجازهم دون مبررات قانونية، والتحضير لمحاكمتهم على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب وقضايا جنائية أخرى.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأحد إنّ أكثر من أربعين محتجزًا من نشطاء الحراك الشعبي في سجن "الحراش" أعلنوا في 28 يناير/ كانون ثانٍ الماضي إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، إذ يُحتجز عدد منهم منذ سنوات أو شهور على خلفية ممارستهم لحقوقهم في حرية الرأي والتعبير والنشر والتجمع السلمي.
توزيع المضربين عن الطعام على مراكز عقابية إجراء غير قانوني لأنّهم لم يخضعوا للمحاكمة بعد، إذ ينص القانون الجزائري على وجوب إبقاء المحتجزين في مراكز الاحتجاز لحين صدور أحكام بحقهم لنقلهم لمراكز الاحتجاز العقابية
يوسف سالم، باحث قانوني لدى المرصد الأورومتوسطي
ولفت الأورومتوسطي إلى تلقيه معلومات من أقارب بعض المحتجزين تفيد بتعرّض بعضهم للضرب خلال إضرابهم عن الطعام، إضافة إلى ظهور علامات إعياء واضحة على أجسادهم ونقص شديد في الوزن مع استمرار الإضراب، معبرًا عن خشيته من تدهور صحتهم في حال استمرت السلطات بالتنكّر لأسباب الإضراب، وتجاهل إطلاق أي حوار مع المحتجزين المضربين عن الطعام.
وفي إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال "الدباغي أسامة عبد الناصر"، شقيق "الدباغي صهيب" المحتجز دون محاكمة منذ أكثر من 10 شهور على خلفية نشاطه في الحراك الشعبي: "تعرّض شقيقي يوم الأربعاء الماضي للضرب على يد 5 من عناصر الأمن في سجن الحواش أثناء نقله القسري من السجن إلى مركز البويرة عقابًا على انخراطه في الإضراب عن الطعام، حيث تسبب الاعتداء بإحداث شق في رأسه، إضافة إلى كدمات متفرقة في جسده، ونُقل بعد ذلك إلى زنزانة عزل انفرادي في مركز البويرة.
وأضاف "تمكّنت يوم السبت (5 فبراير/شباط) من زيارة أخي -يُسمح بالزيارة مرة واحدة فقط كل 15 يوم- ولاحظت نقصًا حادًا في وزنه، وبدا عليه بشكل واضح أنّه يعاني من متاعب نفسية أثّرت على طريقة كلامه وحركته بشكل كبير. كما أبلغني أنّ إدارة السجن وضعته وكافة المحتجزين على خلفية الرأي في زنازين انفرادية لمنع التواصل بينهم.
كما أبلغ عضو هيئة الدفاع عن المحتجزين المحامي "عبد الغني بادي" فريق المرصد الأورومتوسطي أنّ إدارة السجون شرعت بتوزيع المحتجزين المضربين عن الطعام على مراكز عقابية داخل وخارج العاصمة الجزائر، كما احتجزت المضربين المتبقين في سجن الحراش داخل زنازين عزل انفرادية كخطوة عقابية، ولزيادة الضغط النفسي والجسدي عليهم لوقف الإضراب.
وأشار إلى انضمام عشرات من المحتجزين الآخرين إلى الإضراب عن الطعام، دون القدرة على تحديد الرقم الحقيقي للعدد الإجمالي لهم؛ لصعوبة التواصل معهم داخل السجون بسبب الإجراءات التي تفرضها السلطات الجزائرية.
وتابع المرصد الأورومتوسطي بيانًا أصدرته النيابة العامة نفت من خلاله دخول المحتجزين في إضراب عن الطعام برغم تسلّم إدارة سجن الحراش إشعارات رسمية من المحتجزين قبل البدء في الإضراب بأيام، في حين قالت هيئة الدفاع إنّ بيان النيابة تكذيب مبني على مغالطات، أو تجاهل لذكر الحقيقة، إذ امتثل المحتجزون المضربون عن الطعام لنص المادة (64) من قانون تنظيم السجون وقدموا التصريحات الكتابية الواجب تقديمها.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "يوسف سالم" إنّ ممارسات النيابة العامة وإدارة السجون الجزائرية تشوبها تجاوزات قانونية جسيمة، أبرزها استمرار احتجاز المضربين عن الطعام على خلفية نشاطهم الحقوقي والسياسي دون محاكمات، بالإضافة إلى استغلال ممارستهم لحقوقهم المحمية بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة لتوجيه تهم خطيرة في المحاكمات غير القانونية التي يجري التجهيز لها.
وأكّد أنّ القضاء الجزائري يتحمل جزءًا من مسؤولية تمديد احتجاز المعتقلين لشهور وسنوات دون محاكمة، كما أنّ خضوع المراكز العقابية لرقابة قضائية تحمّل القضاء مسؤولية بقائهم هناك في ظروف احتجاز مهينة للكرامة الإنسانية ومخالفة لنصوص قانون تنظيم السجون الجزائري.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الجزائرية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين على خلفيات حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، والكف عن انتهاج سياسة الاحتجاز التعسفي لإسكات النشطاء المعارضين وترهيبهم.
وطالب المرصد الأورومتوسطي النيابة العامة وإدارة السجون الجزائرية باحترام ممارسة الحقوق المشروعة في الاحتجاج على ظروف وملابسات الاحتجاز، وعدم معاقبة المحتجزين بالاعتداء الجسدي وترحيلهم لمراكز عقابية وعزلهم في الزنازين الانفرادية.