جنيف – حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من مقترح الاتحاد الأوروبي الخاص بإرسال عناصر من وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس) وطائرات بدون طيار إلى السنغال، واصفًا إياه باستراتيجية جديدة أكثر تشددًا لاحتواء الهجرة واستعانة بجهات خارجية لإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء أو منعهم من الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، ما يمثل تضييقًا خانقًا لحقوقهم.
ورفض الأورومتوسطي في بيان له تسمية المخططات بـ"التعاون"، مشيرًا أنها مبنية بشكل أساسي على اختلال توازن هيكلي للقوة.
أوروبا تُظهر سوء التقدير مرة أخرى من خلال معالجة الآثار عوضًا عن الأسباب الجذرية لهجرة الأشخاص أو طلبهم اللجوء، وعدم مراعاة خياراتهم الحرة.
ميكيلا بولييزي، باحثة في شؤون اللجوء والهجرة لدى المرصد الأورومتوسطي
وقال الأورومتوسطي إن مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية "إيلفا يوهانسون" اقترحت في 11 فبراير/شباط -قبل أيام قليلة من انعقاد القمة السادسة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في بروكسل- على السنغال عقد اتفاقية مع فرونتكس (وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي) "لنشر فرق دائمة ومعدات فنية" مخصصة "لمكافحة المهربين."
وسيكون هذا أول انتشار لفرونتكس خارج أوروبا إذا ما وافقت حكومة داكار على الاتفاق، وهو ما أكدته "يوهانسون" بقولها إن هذه هي "المرة الأولى على الإطلاق التي يكون لدينا فيها هذا النوع من التعاون مع بلد في أفريقيا."
وأعطى وزير الداخلية السنغالي "الضوء الأخضر للمناقشات الفنية"، ما يعني أن العناصر المسلحة والطائرات بدون طيار والسفن وأجهزة المراقبة الخاصة بفرونتكس ستكون على أراضي السنغال بحلول الصيف.
وقال الأورومتوسطي أن معظم محتوى الاتفاقية ما يزال غير واضح، ولكن يُزعم أن "الهدف الرئيس منها هو منع الأشخاص من دفع أموال للمهربين" للوصول إلى جزر الكناري، حيث تعد داكار إحدى نقاط المغادرة الرئيسة على طريق المحيط الأطلسي، ما يعني منع الناس من مغادرة السنغال للوصول إلى إسبانيا، وبالتالي الاتحاد الأوروبي.
وبهذا الصدد، كانت إسبانيا في الأشهر الماضية رفعت مخصصاتها في العديد من بلدان المنشأ، بما في ذلك السنغال، لتعزيز المراقبة على حدودها والحد من انطلاق رحلات المهاجرين وطالبي اللجوء.
وقال الأورومتوسطي إن الاقتراح ينطوي على الاستغلال واختلال واضح للتوازن في القوى، إذ يربط توزيع المساعدات التنموية بالقدرة على ضبط الحدود ومنع المهاجرين وطالبي اللجوء من الهجرة إلى أوروبا.
والسنغال هي إحدى الدول الخمس عشرة المؤسسة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي تنظم حرية تنقل الأشخاص والبضائع في غرب أفريقيا، على غرار منطقة شنغن في الاتحاد الأوروبي، منذ عام 1975. ولكن ما تتغافل عنه أوروبا هو أن إنشاء حدود مفتوحة سيكون أكثر فائدة لمنع الاتجار بالبشر وتحسين حياة الناس من أي مقترح لاتفاقية خارجية لتشديد الرقابة على الحدود.
وأضاف الأورومتوسطي أن هذا المقترح يستند إلى دعاية زائفة قائمة على وقف التهريب وتحسين الظروف المعيشية في بلدان المنشأ، ولكنها ليست إلا استراتيجية جديدة أكثر إحكامًا لاحتواء الهجرة والاستعانة بجهات خارجية لضبط الحدود، وهو ما تسعى إليه بالفعل بعض الدول الأعضاء، مثل الدنمارك والمملكة المتحدة.
وفيما يتعلق بخطة الدنمارك تشديد القيود على الحدود الخارجية، فكانت "يوهانسون" حذرت سابقًا من أن ذلك سيؤثر بشكل "غير مباشر على دول الاتحاد الأوروبي المجاورة"، غير أن مفوضية الاتحاد الأوروبي تتبع الآن نفس السياسة.
من جانبها، قالت "ميكيلا بولييزي"، باحثة شؤون اللجوء والهجرة لدى المرصد الأورومتوسطي إن "أوروبا تُظهر سوء التقدير مرة أخرى من خلال معالجة الآثار عوضًا عن الأسباب الجذرية لهجرة الأشخاص أو طلبهم اللجوء، وعدم مراعاة خياراتهم الحرة."
وأضافت، "عام 2018، تزايد اللجوء لمسار الأطلسي إلى جزر الكناري، وشهد زيادة مطردة في السنوات الماضية بسبب تزايد تجريم الاتحاد الأوروبي للمهاجرين وطالبي اللجوء وزيادة وتيرة عمليات الصد في البحر الأبيض المتوسط"، مشيرة إلى "أن خطة إرسال عناصر من فرونتكس إلى السنغال لوقف رحلات المهاجرين وطالبي اللجوء لن تغير سوى مسارات الهجرة إلى مسارات جديدة أكثر خطورة."
وأعرب الأورومتوسطي عن قلقه من إمكانية تمتع فرق فرونتكس بالحصانة خلال وجودهم في السنغال كما كان الأمر في غرب البلقان، خصوصًا في ظل افتقار الوكالة للشفافية، بما في ذلك فيما يتعلق بالمضايقات في مكان العمل، وسوء الإدارة، والمخالفات المالية، والتورط في عمليات الإعادة غير القانونية لطالبي اللجوء والمهاجرين على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن نشر عناصر وكالة -ما تزال متهمة بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان- في دولة ثالثة بعيدة عن الاتحاد الأوروبي ومنحها سلطة أكبر وشفافية أقل ستؤدي إلى تفاقم مشكلة غيابها عن المساءلة.
وطالب الأورومتوسطي المفوضية الأوروبية باحترام حق الأشخاص في مغادرة أي بلد، سواء كانت دولة المواطنة الخاصة بهم أو سواها، وهو ما كفلته المادة 2 من البروتوكول رقم 4 للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهو شرط أساسي للتمتع بالعديد من الحقوق الأساسية الأخرى، مثل الحق في التماس اللجوء والتمتع به وحظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.
ودعا المفوضية للامتناع عن جعل المساعدات التنموية للسنغال متوقفة على قدرتها على مراقبة حدودها واستعدادها لمنع المهاجرين وطالبي اللجوء من الهجرة، وفتح مسارات قانونية لهم للوصول إلى أوروبا بطريقة آمنة ومستدامة.