منذ بداية العقد الماضي، تصاعدت انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة مع اتساع رقعة الاحتجاجات السلمية والنزاعات المسلحة، وانتهاج الحكومات في المنطقة أساليب عنيفة لإخضاع وإسكات الأصوات المعارضة، من خلال استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين السلميين، والاستهداف الممنهج للنشطاء السياسيين والصحفيين. وفي شهر فبراير/ شباط 2022، توسعت رقعة النزاعات المسلحة لتشمل القارة الأوروبية للمرة الأولى منذ عشرات السنين، حيث شنت القوات الروسية هجومًا واسعًا -ما يزال مستمرًا حتى تاريخه- على الأراضي الأوكرانية حصد أرواح عشرات المدنيين، وتسبب بدمار كبير في المنشآت المدنية. وبرغم الحالة المتردية لحقوق الإنسان، إلّا أنّ خطوات صغيرة تراكمية على طريق تحسين هذا الوضع، قد تصنع على المدى الطويل قفزات كبيرة باتجاه النهوض بواقع حقوق الإنسان، والحد من الانتهاكات ومحاسبة الجناة وإنصاف الضحايا.
خلال شهر فبراير/ شباط 2022، شهدنا أحداثًا إيجابية شارك فريق الأورومتوسطي إلى جانب شركائنا وعشرات المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى في الدعوة لها أو العمل من أجل تحقيقها، من خلال أنشطة متنوعة شملت مخاطبة أصحاب القرار حول الممارسات والمنهجيات التي ينبغي معالجتها وإصلاحها أو وقفها بشكل كامل، وتسخير قوة الإعلام الاجتماعي لإشراك الجمهور افتراضيًا في الدفاع عن القضايا التي تمس حقوقه وكرامته الإنسانية.
ومن أهم ما أثمرت به الجهود الحقوقية خلال شهر فبراير/ شباط 2022:
- إيطاليا
في 3 فبراير/ شباط، حكمت المحكمة الابتدائية في مدينة باليرمو الإيطالية، بالسجن 20 عامًا على شخصين بتهمة تعذيب مهاجرين أثناء احتجازهم في سجن "زوارة" الليبي.
منذ سنوات، وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تعرض المهاجرين وطالبي اللجوء في مراكز الاحتجاز بليبيا إلى ممارسات غير قانونية تشمل التعذيب والابتزاز والاضطهاد، والتقى بالعديد من صناع القرار الليبيين والنواب الأوروبيين لحثهم على اتخاذ خطوات ملموسة من أجل تحديد ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات.
أصدرت محكمة النقض العليا في إيطاليا في 15 فبراير/ شباط حكمًا يقضي بوجوب حماية الحق في الصحة لطالبي اللجوء الذين يعيشون في مراكز الاستقبال الطارئ، ودعت لضمان تطبيق التدابير التي اتخذتها الحكومة الإيطالية لمكافحة وباء كورونا دون أي تمييز.
خاطب المرصد الأورومتوسطي على مدار السنوات الماضية إيطاليا وبعض الدول المستقبلة للمهاجرين وطالبي اللجوء، وحثّها على ضمان حصول المهاجرين وطالبي اللجوء على الرعاية الصحية الكاملة خصوصًا أثناء تفشي جائحة كورونا، وإنهاء التمييز الذي كانت تتبعه بعض الدول ضدهم سواء في مراعاة إجراءات الوقاية أو توزيع اللقاحات.
- السعودية
أفرجت السلطات السعودية خلال شهر فبراير/ شباط عن مجموعة من معتقلي الرأي بعد احتجاز لسنوات.
على مدار السنوات الماضية، أطلق الأورومتوسطي بالتعاون مع شركائه حملات ضغط ومناصرة، شملت عراض في البرلمان الأوروبي ولقاءات مع مسؤولين وصناع قرار، للضغط على السلطات السعودية من أجل إطلاق سراح معتقلي الرأي في المملكة، وإنهاء سياسة الاعتقال التعسفي وتحسين واقع الحريات في البلاد.
عريضة سابقة في البرلمان الأوروبي
- اليمن
تبنى مجلس الأمن في 28 فبراير/ شباط قرارًا يصف جماعة الحوثي بـ"جماعة إرهابية"، ويحظر بموجبه على جميع الدول بيع الأسلحة للحوثيين.
على مدار سنوات النزاع المسلح في اليمن، طالب المرصد الأورومتوسطي مؤسسات الأمم المتحدة، والجهات ذات العلاقة بالأزمة اليمنية التوقف عن تسليح أطراف النزاع، والامتناع عن بيع أي أسلحة جديدة ستؤدي إلى إطالة أمد النزاع في اليمن.
- مالطا/ ليبيا
في 15 فبراير/ شباط نشرت مفوضة حقوق الإنسان بمجلس أوروبا "دونجا مياتوفيتش" تقريرًا حول وضع طالبي اللجوء، حيث دعت مالطا لتعليق تعاونها مع ليبيا بملف الهجرة لحين التزامها بضمان معاملة المهاجرين وطالبي اللجوء على النحو الذي تُحترم فيه حقوقهم، وحثت مالطا أيضًا على اتخاذ جُملة من الإجراءات لوقف انتهاك حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين على أراضيها، بما في ذلك تحسين ظروف الاستقبال، وضمان الرقابة المستقلة على أماكن الاحتجاز، ووقف احتجاز الأطفال بشكل نهائي.
في ديسمبر الماضي، نشر المرصد الأورومتوسطي تقريرًا كشف فيه عن انتهاكات مروّعة يتعرض لها المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، ودعا جميع الأطراف المعنية لمراجعة تعاونها مع ليبيا بما يضمن التزام السلطات باحترام حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.
- العراق
أعلنت السلطات العراقية في 12 فبراير/ شباط، القبض على متهم "مسؤول عن تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال" في محافظة ميسان جنوبي البلاد.
منذ تصاعد حوادث الاغتيال في العراق، والتي تزامنت مع احتجاجات شعبية واسعة طالبت بالإصلاح، حث المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية على بذل كل الجهود الممكنة من أجل حماية النشطاء وأصحاب الرأي، وملاحقة جميع المتورطين في حوادث الاغتيال العديدة التي شهدتها البلاد بحق نشطاء مدنيين.