جنيف- دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الأطراف المعنية إلى التحرك العاجل لتقديم الدعم الإغاثي للنازحين السوريين في مخيم الركبان على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن، في ظل اشتداد الأزمة الإنسانية ونفاد المواد الأساسية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأربعاء، إنّ أكثر من 8 آلاف نازح سوري في مخيم الركبان يعانون من ظروف معيشية غاية في السوء، بسبب حصار قوات النظام السوري للمخيم ومنع إدخال المواد الأساسية والمستلزمات المعيشية، وإغلاق الجانب الأردني للحدود، وامتناع قوات التحالف الدولي التي تسيطر على منطقة الـ"55" كم التي يقع المخيم ضمن نفوذها، عن تقديم أي مساعدة إنسانية للنازحين.
ووفق إفادة رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان "محمد أحمد الدرباس" لفريق الأورومتوسطي، يعاني سكان المخيم هذه الأيام ظروفًا معيشية هي الأصعب منذ بدء حصار المخيم في يوليو/ تموز 2019 من قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها.
وقال "الدرباس": "لا يوجد حاليًا في المخيم أي أطباء أو مرافق لتقديم الرعاية الطبية للنازحين. كان النازحون يقصدون نقطة طبية لـ"يونيسيف" على الحدود الأردنية، لكنّ السلطات الأردنية أغلقتها قبل نحو عامين بحجة جائحة "كورونا".
وأضاف "توفي خلال المدة الماضية عدد من الأطفال وكبار السن نتيجة انعدام الرعاية الصحية ونفاد المواد الغذائية الأساسية. لا نتلقى حاليًا أي مساعدات إنسانية من الخارج لدرجة أنّ حليب الأطفال نفد بشكل كامل من المخيم".
ولفت إلى أنّ "حصار المخيم يهدف إلى إجبار النازحين على العودة إلى مناطق سيطرة النظام. النازحون هنا يرفضون العودة لأنهم يخشون على حياتهم، إذ تعرّض بالفعل كثير من النازحين الذين كانوا في المخيم وعادوا إلى مناطق النظام، إلى القتل أو الاعتقال أو الإخفاء، وخصوصًا الشباب، وسيقوا إلى جبهات القتال لمحاربة مسلحي المعارضة".
من المُشين ترك آلاف النازحين بلا إمدادات غذائية أو طبية في بيئة صحراوية قاحلة ووسط ظروف جوية قاسية. من الواضح أنّ هذا التخلّي يعكس فشلًا أخلاقيًا فادحًا لدى جميع الأطراف المعنية
أنس جرجاوي، مدير العمليات في المرصد الأورومتوسطي
وبيّن الأورومتوسطي أنّه اطلع على وثيقة تلقّاها سكان المخيم العام الماضي، وجاء فيها أنّ الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري ستدعمان "المغادرة الطوعية لأهالي الركبان" على عدة دفعات ولمدة ثلاثة أشهر (أيلول وتشرين أول وتشرين ثان 2021) لمساعدة الراغبين في الخروج من المخيم إلى المناطق التي يختارونها، غير أنّ الوثيقة تضمنت بشكل صريح تنصلًا من توفير الحماية أو الدعم للنازحين العائدين إلى مناطق النظام.
وجاء في الوثيقة، "تقع مسؤولية أمن وسلامة الأفراد (النازحين المغادرين) على عاتق الجهات المسيطرة وحكومة الجمهورية العربية السورية، وتذكّر الأمم المتحدة والهلال الأحمر دومًا الجميع بذلك"، في تأكيد على عدم تقديم أي ضمانات للمغادرين.
وفي سبتمبر/ أيلول 2021، أكّد التقرير الرابع والعشرون للجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا أنّ "البلاد غير صالحة لعودة اللاجئين الآمنة والكريمة".
وقال مدير العمليات في المرصد الأورومتوسطي "أنس جرجاوي": "من المُشين ترك آلاف النازحين بلا إمدادات غذائية أو طبية في بيئة صحراوية قاحلة ووسط ظروف جوية قاسية. من الواضح أنّ هذا التخلّي يعكس فشلًا أخلاقيًا فادحًا لدى جميع الأطراف المعنية".
ووفق متابعة المرصد الأورومتوسطي، وصل أعلى عدد للنازحين في المخيم إلى نحو 110 آلاف نازح، غير أنّ إغلاق الحدود الأردنية عام 2015 وحصار المخيم أدّى إلى تقلّص العدد بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، ليستقر عند نحو 8 آلاف نازح حاليًا، إذ اضطر كثير من الذين كانوا يقطنون المخيم إلى العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري هربًا من ظروف الحصار، رغم الأخطار والممارسات الأمنية الانتقامية التي قد يتعرضون لها في تلك المناطق.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة ذات العلاقة ببذل كل الجهود الممكنة لإدخال إمدادات الغذاء والدواء الأساسية لمخيم الركبان، ودعم آلاف السكان الذين يصارعون الجوع والمرض هناك منذ وقت طويل.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي السلطات الأردنية على الوقوف عند التزاماتها الأخلاقية تجاه النازحين في مخيم الركبان، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتخفيف معاناتهم في المخيم الحدودي.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة بعدم المشاركة في عمليات نقل النازحين من مخيم الركبان إلى مناطق سيطرة النظام السوري طالما بقيت غير آمنة، وعدم المساهمة بأي شكل من الأشكال في تعريض أولئك الأشخاص إلى مخاطر حقيقية تمسّ أمنهم وسلامتهم.