جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ محاكمة طالب لجوء أفغاني في اليونان بعد وفاة طفله غرقًا أثناء محاولتهما الهجرة يظهر نفاق السلطات اليونانية وفشل المؤسسات الأوروبية في الحفاظ على أرواح المهاجرين.
وذكر الأورومتوسطي في بيان صحافي الجمعة إن شابًا أفغانيًا يبلغ من العمر 26 عامًا يواجه حكمًا بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات في اليونان بعد وفاة ابنه في حادثة غرق قارب مهاجرين انطلق من السواحل التركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وأوضح إن محاكمة الشاب الأفغاني ستبدأ الأربعاء، حيث تتهمه السلطات اليونانية بتعريض حياة طفله البالغ من العمر ست سنوات للخطر أثناء محاولته الوصول إلى جزيرة ساموس اليونانية على متن قارب غير صالح للإبحار غرق في بحر إيجه.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ الطفل واحد من مئات الأطفال الذين لقوا حتفهم في بحر إيجه أثناء بحثهم عن الأمان في أوروبا، مذكّرًا بالطفل السوري آلان كردي الذي عُثر على جثته على أحد الشواطئ التركية بعد أن مات غرقًا في سبتمبر/أيلول عام 2015، وأصبحت صورته رمزًا لمأساة إنسانية تتكشف على الشواطئ الأوروبية.
وقالت ميكيلا بولييزي، باحثة شؤون اللجوء والهجرة في الأورومتوسطي: "لقد مرّت سبع سنوات تقريبًا منذ وفاة الصغير آلان كردي وما تزال سواحل أوروبا تشهد نفس المآسي المخزية، ولكن ليس فقط الموت المستمر للأطفال الذين غرقوا بسبب الحرمان الممنهج لدخولهم أوروبا بشكل قانوني، ولكن أيضًا بسبب تجريم الآباء الذين هم أول المتأثرين وآخر من يجب أن يلقى عليه اللوم".
هذه الاتهامات اللاإنسانية تصرف الانتباه عن إهمال خفر السواحل اليونانية، ونفاق السلطات اليونانية والفشل الكامل للمؤسسات الأوروبية، المسؤول الحقيقي [عن هذه المأساة وغيرها]
ميكيلا بولييزي، باحثة في شؤون اللجوء والهجرة لدى المرصد الأورومتوسطي
وأضافت أن "هذه الاتهامات اللاإنسانية تصرف الانتباه عن إهمال خفر السواحل اليونانية، ونفاق السلطات اليونانية والفشل الكامل للمؤسسات الأوروبية، المسؤول الحقيقي [عن هذه المأساة وغيرها]. ولا تكترث الدول الأعضاء في أوروبا بحياة المهاجرين ووفياتهم إلا عندما يمكنهم من خلالها تجريم أولئك الذين ما يزالون على قيد الحياة، مثل الأب الشاب أو رجل أفغاني آخر يواجه عقوبة السجن مدى الحياة لأنه كان يقود القارب تلك الليلة بعد أن أجبره المهربون على ذلك ولم يمتلك خيار سوى الامتثال".
وبيّن الأورومتوسطي أنه في تلك الليلة كانت منظمة "تقرير إيجة للقوارب" قد زودت خفر السواحل اليوناني بإحداثيات الزورق ولكن خفر السواحل تأخّر في التحرك، حيث قال ناجون إن قاربان ظهرا وقاما بتشغيل ضوء الكشاف في لحظتين مختلفتين، لكن كلاهما مر دون تقديم أي مساعدة.
وقال الأورومتوسطي إنه كان من الممكن إنقاذ الطفل لو كان خفر السواحل قد تحرك بنفس الطريقة التي كان سيتحرك بها لو كان مواطنون يونانيون أو أوروبيون هم المفقودون في البحر.
ومنذ عام 2014، لقي ما يقرب من (500) طفل مصرعهم على طريق شرق البحر الأبيض المتوسط، وكان العديد منهم دون سن الخامسة، ولكن لم يسبق أن تم اتهام أب بالتسبب في وفاة ابنه بسبب غرق القارب الذي كان يستقله للبحث عن حياة أفضل في أوروبا.
ووجه خفر سواحل "ساموس" بنفسه الاتهام إلى الأب، حيث أَبلغ المدعي العام باعتقال الشاب "لتعريض ابنه القاصر للخطر أثناء محاولة الدخول غير القانوني إلى البلاد عن طريق البحر".
وسُجن الأب بعد الحادثة مباشرة، ولم يسمح له برؤية جثة ابنه إلا بعد ثلاثة أيام بينما وكان مقيد اليدين.
ودعا المرصد الأورومتوسطي اليونان لإسقاط التهم الموجهة للأب الأفغاني فورًا، وتقديم أكبر قدر ممكن من الدعم له لمواساته بعد وفاة ابنه بما يحفظ كرامته، وضمان حقه في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وإنقاذ ومساعدة أي شخص في محنة في البحر بأسرع ما يمكن وفقًا لقانون البحار، واحترام المادة 31 من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 التي تطالب الدول بعدم فرض عقوبات على اللاجئين لدخولهم أو وجودهم بشكل غير قانوني.
وطالب الأورومتوسطي أوروبا بضمان توفير طرق تمكن الأشخاص من السفر بشكل قانوني وآمن وسهل إلى أوروبا من خلال تأشيرات مناسبة، كمنح تأشيرات إنسانية للأشخاص الفارين من أفغانستان، لتقليل عدد القتلى على الشواطئ الأوروبية، التي تسببت فيها سياسات الهجرة بشكل مباشر.