جنيف- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وعلى الرغم من مرور عام كامل على كارثة إغراق القارب الذي كان يقل لاجئين سوريين وفلسطينيين لاجئين من سوريا في عرض البحر الأبيض المتوسط، والذي كان يقل أكثر من 400 من اللاجئين وطالبي اللجوء، إلا أن شيئاً جوهرياً لم يتغير على القوانين والإجراءات التي كانت متبعة حينها، وهو ما أدى إلى استمرار تدفق هذه القوارب واستمرار مأساة غرقها، والتي كانت كارثة إغراق القارب قبل أقل من شهر واحدة من تجلياتها.

واعتبر المرصد الأورومتوسطي أن تكرار حوادث غرق المهاجرين في السواحل الأوروبية يمثّل "ضربة لكل القيم الإنسانية، ومسؤولية تتحملها دول العالم، لا سيما دول حوض البحر المتوسط، التي عجزت حتى الآن عن التعامل مع هذه الحالة واتخاذ اللازم لتجنب وقوع خسائر في الأرواح، وتوفير بدائل قانونية للجوء الناجين من النزاعات، بدلا من إجبارهم على الهرب من خلال طرق خطيرة ومميتة".

وقال الأورومتوسطي؛ إنه في ضوء استمرار الضغط والقهر الذي يعاني منه أولئك اللاجئون في البلاد التي يقيمون فيها، وإغلاق أو تضييق الدول الغنية من أبواب الهجرة الشرعية في وجوههم، فإن "تجارة تهريب هؤلاء البشر استغلالا لحاجاتهم ستبقى آخذة في الازدهار، وأعداد المهاجرين غير الشرعيين ستبقى في ازدياد، وبالنتيجة فإن عمليات إحصاء الغرقى لن تتوقف"، محذراً من أن أولئك اللاجئين الذين يأتون عبر البحر من خلال مهربين وفي قوارب متهالكة تُحمَّل بأضعاف حمولتها، هم في دائرة الخطر.

وقال المرصد الحقوقي الأوروبي في البيان الذي صدر عنه اليوم 3 أكتوبر 2014، إن استمرار البيئة الطاردة للاجئين في الدول العربية التي يخرجون منها، وتصاعد الجو العدائي ضدهم، وعدم الأخذ على يد المهربين وتجريمهم، يجعل من تلك الدول مسؤولة عن حياة أولئك اللاجئين باعتبار أنها لم تأخذ بالواجبات المستحقة عليها تجاههم وبما يمنع استغلالهم من قبل عصابات التهريب وتجار الموت.

ومن جهة أخرى، قال الأورومتوسطي أنه وإن كان يشيد بتحسن النظام الذي تنتهجه الدول الأوروبية على حوض المتوسط في تعاملها مع اللاجئين والمهاجرين القادمين عبر البحر، غير أنه رأى أن القصور في القوانين والإجراءات ما زال كبيراً، وقد ظهر ذلك جلياً في حادثة غرق القارب الذي كان يقل أكثر من 400 شخص، يوم 10 سبتمبر 2014، بقي قرابة 150 منهم أحياء يصارعون الأمواج لثلاثة أيام دون أن يجدوا من ينقذهم.

ونوّه الأورومتوسطي إلى أن القصور لا يتوقف على التعامل مع اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في عرض البحر، بل يمتد إلى التباطؤ الشديد من قبل السلطات في الدول الأوروبية التي يصل إليها أولئك المهاجرون في قبول طلبات اللجوء وإيوائهم والتعامل معهم كلاجئين، أو حتى إغلاق الحدود أمامهم من خلال بناء حدود وأسلاك شائكة، إضافة إلى استمرار الدول الغنية في العالم، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي، في الامتناع عن تحمل عبء اللاجئين من خلال استقبال أعداد منهم، وإغلاق أو تضييق سبل الهجرة الشرعية إليها في وجوههم.

وشدد المرصد الحقوقي على أنه "يجب على أوروبا مراجعة التحديات الناتجة عن تدفق المهاجرين، بحيث يشمل ذلك أثر السياسات الحالية على حقوق الإنسان، إذ لا بد من إدراك أن الصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان وعدم الاستقرار السياسي هي العوامل الأساسية التي تدفع الناس للفرار والهجرة من دول الشرق الأوسط، وبالتالي سياسات الهجرة التقليدية والتي تركز فقط على منع القادمين من أوروبا لن توقف الناس من الوصول إلى أوروبا".

وفي ختام بيانه، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدول المعنية، ولا سيما مصر وإيطاليا ومالطا واليونان، إلى التعامل مع اللاجئين وطالبي اللجوء بموجب ما تمليه قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، مؤكداً على ضرورة أن تعمل دول العالم، خصوصاً الغنية منها، على زيادة حصتها من أعداد اللاجئين وتقديم الدعم اللازم لتلك الدول التي تتحمل العبء الأكبر منهم.