قالت أربع منظمات حقوقية إن استمرار اعتقال الطبيب والحقوقي "عبد الله أحمد الفخراني" (25 عاماً) من قبل قوات الأمن المصرية منذ أكثر من 19 شهراً دون أدلة حقيقية أو اتهامات مثبتة يمثل "مهزلة حقيقية" و "انتهاكاً صارخاً لحق الفخراني في الحرية وعدم التعرض للاعتقال التعسفي".

وأوضح كل من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والحقوق للجميع السويسرية وأصدقاء الإنسان النمساوية والعدالة السويدية أن الفخراني، والذي كان ناشطاً في حقوق الإنسان من خلال عمله ضمن فريق المرصد الأورومتوسطي في مصر، كان قد اعتقل في مصر في 25 آب (أغسطس) 2013، على خلفية نشاطه الحقوقي والإعلامي، حيث ألقي القبض عليه دون إبراز مذكرة احتجاز، ثم تم إخفاؤه قسرياً لمدة 48 ساعة، واستمر التحقيق معه لمدة 150 يوماً تركزت حول نشاطه في حقوق الإنسان، تعرض أثناءها للمعاملة القاسية والمهينة.

وأضافت المنظمات: في الأشهر الأولى لاعتقال الفخراني وُجّهت له تهم بنشر أخبار كاذبة وصور ملفقة وإذاعة أخبار تسيء لسمعة مصر، وعندما لم تثبت هذه التهم، تم إضافة متهمين آخرين إلى قضيته (المعروفة برقم 317 أمن دولة) ومنهم زعماء كبار "للإخوان المسلمين"، وتم تلفيق تهمتين جديدتين له ضمن الآخرين، وهما الانتماء "للإخوان" والاشتراك في اتفاق جنائي لقلب نظام الحكم واعتقال رئيس الجمهورية وتخريب الممتلكات العامة، وهي الاتهامات التي نفاها الفخراني بشكل مطلق حتى تحت وطأة المعاملة القاسية أثناء التحقيق معه.

ولفتت المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن الفخراني يخضع للحبس الاحتياطي منذ بداية اعتقاله، أي منذ أكثر من 19 شهراً، مع أن قانون الإجراءات الجزائية المصري والتعديلات التابعة له تحدد مدة الحبس الاحتياطي ب 18 شهراً على الأكثر (إلا في حالة القضايا التي تكون عقوبتها الإعدام، وهي ليست الحال بالنسبة للفخراني حتى على افتراض ثبوت التهم الموجهة إليه)، وهو ما يعني أن مجرد استمرار اعتقاله حتى الآن يخالف القانون.

وأشارت المنظمات إلى أن محامي الفخراني قدّم دفعاً بخصوص انقضاء مدة الحبس الاحتياطي للفخراني، غير أن المحكمة رفضت قبول الدفع، وردّت بالإسراع في الإجراءات، وأغلقت القضية تمهيداً للنطق في الحكم، رغم أن 10 من المتهمين في القضية لم يتم الاستماع لمرافعاتهم بعد.

وأوضحت المنظمات الحقوقية أن المحاكمة تضمنت العديد من الانتهاكات التي تقدح في عدالتها، فبالإضافة إلى ما سبق، لفت محامي الفخراني قضاة المحكمة إلى تعرض الفخراني للمعاملة القاسية أثناء التحقيق معه، غير أن المحكمة لم تستجب لملاحظاته ولم تجر أي تحقيق في هذه الشكوى. كما أن القاضي الرئيسي في قضية الفخراني "ناجي شحاتة"، أفصح أثناء جلسات المحاكمة عن اقتناعه بإدانة المتهمين، حتى قبل اكتمال مرافعاتهم، وهو الذي كان أصدر مئات أحكام الإعدام في مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، وعلى الرغم من أن محامي الدفاع طلبوا تنحيته عن نظر القضية لعدم الحياد، غير أن المحكمة رفضت قبول الطلب.

وقالت المنظمات الأربع إن أدلة الاتهام التي تستند إليها المحكمة لإدانة الفخراني هي فقط محضر التحريات الذي صاغه ضباط أمن الدولة. ولا يوجد أي دليل واحد ثابت لإدانة الفخراني. مشيرة إلى أن المحكمة كانت قد عينت "لجنة فنية" تتبع لهيئة التلفزيون المصري لفحص الأدلة الخاصة بالقضية، وهي صور وفيديوهات تقول النيابة العامة إن الفخراني ورفاقه قاموا بتلفيقها، وبعد أن قامت اللجنة بفحص الأدلة قررت أن كل الفيديوهات والصور حقيقية ولم يجرِ أي تغيير أو فبركة لمحتوياتها. ومع ذلك استمرت النيابة في اعتبارها ملفّقة.

وبينت المنظمات الحقوقية الدولية أن المحكمة الدستورية العليا في مصر حكمت في حكم سابق لها بعدم دستورية الاتهام بما يسمى الاتفاق الجنائي في التخطيط لجريمة، طالما أن الجريمة لم يُبدأ بتنفيذها، إلا في قضايا أمن الدولة، ومع ذلك فإن هيئة محاكمة الفخراني تجاهلت هذا الحكم للمحكمة الدستورية العليا، ووجهت للفخراني ورفاقه تهمة الاتفاق الجنائي في التخطيط لجريمة.

وأوضحت المنظمات أن آخر جلسة محاكمة جرت للفخراني كانت بتاريخ 16/3/2015، وفيها قرر القاضي إحالة أوراق 14 متهماً إلى المفتي بعد الحكم عليهم بالإعدام، رغم أن أحد الأشخاص المحالين لم تُسمع مرافعته بعد، كما أن اثنين من المحالين كانت المرافعات الخاصة بهم قد قُدِّمت في نفس الجلسة، واشتملت على مذكرات لا تقل عن 100 صفحة، ورغم ذلك حُكم عليهم بالإعدام بعد جلسة مداولة استمرت لمدة 10 دقائق فقط، وهو ما يقدح في هذه الأحكام بشكل كلي.

وفي ضوء هذه الانتهاكات الخطيرة لحق الفخراني في المحاكمة العادلة، وعدم التعرض للاعتقال التعسفي، يدعو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والحقوق للجميع السويسرية وأصدقاء الإنسان النمساوية والعدالة السويدية، السلطات المصرية، إلى الإفراج الفوري عن الفخراني، سيما وأن الجلسة القادمة لمحاكمته ستكون هذا السبت 11 نيسان (ابريل) 2015، وهي جلسة النطق بالحكم بحقه والآخرين في القضية. وتشدد المنظمات على دعوة المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى التدخل لدى السلطات المصرية، وضمان الإفراج الفوري عن الفخراني، وتعويضه تعويضاً عادلا.